الجمعة، 31 يناير 2020

( هروب الفتيات .. من الاسطورة إلى التراجيديا )

منذ زمن الاغريق .. هروب الفتاة خطيئة لا تغتفر

د/ أحمد بن حامد الغامدي

تعتبر الروائية الانجليزية جين أوستن إحدى أبرز الرموز الأدبية عبر العصور لريادتها في مجال الأدب النسوي وطرحها لقضايا المرأة المهيضة الجناح ولهذا تشتهر مقولة جين أوستن التي وردت على لسان بطلة روايتها كبرياء وهوى (إيلزابيث بينيت) : من لا يتذمر ويعترض لا يؤسف عليه. حالة الشكوى والاعتراض مفهومة ومتوقعة في دنيا المرأة لكن فرق شاسع (وغير مقبول) بين التذمر والتنمر. التنمر سلوك عدواني وعنف وأذى نفسي هو في أصله ردة فعل غير سوية حيال إساءة اجتماعية أو نفسية. ومن أشنع افرازات العنف الاسري وثمرته التنمر الاجتماعي تنامي كارثة هروب الفتيات والتمرد الاخلاقي. فحتى جين أوستين نصيرة المرأة وحاملة لواء الدفاع عنها نجد في نفس الرواية السابقة الذكر (كبرياء وهوى) ترسم صورة غاية في التنفير للفتاة الطائشة واللعوب ليديا بينيت البنت الصغرى التي تهرب من اسرتها المحافظة للزواج من ضابط عسكري محتال غرر بها.
المأساة تتجذر أكثر أن أغلب المجتمعات البشرية قد تتقبل على ممض: عودة الأبن الضال (كما في رواية الاديب الفرنسي هنري بوردو بنفس العنوان تقريبا) لكن قل ما يحصل ذلك مع فتيات الخطيئة الاتي يختفين و(يأخذهن الوباء) كحال هنادي في رواية دعاء الكروان لطه حسين.  الجدير بالذكر أن الوعي الجمعي للبشرية منذ الأزل لا يقبل إلا مصير واحد لأي فتاة أو سيدة تتنمر وتنشق عن اسرتها وهذا ما نجده ليس فقط في أحوال الناس الواقعية المشاهدة بل حتى في توهمات عالم الاساطير. في الميثولوجيا الإغريقية نجد في أسطورة جاسون ومحاولته استرجاع عرشه أنه لم يتمكن من سرقة الصوف الذهبي من بلاط ملك أيتس إلا بعد أن وقعت ابنة الملك المسماة ميديا في حبه وهنا خانت والدها وقتلت أخاها ثم هربت مع عشيقها (من ميديا الاغريقية إلى ليديا الانجليزية تستمر المأساة النسوية). ولهذا لا عجب أن نجد المستقبل الأسود لهذه المتنمرة والفتاه الهاربة حيث تصاب ميديا لاحقا بجنون الغيرة ضد عشيقها جاسون لدرجة أنها تقول بقتل طفليها البريئين للانتقام منه.
الفتاة المتنمرة والخائنة لأسرتها ومجتمعها مصيرها أن تكون منبوذة ومهملة وهو مصير الفتاة المدللة أردياني أبنة مينوس ملك جزيرة كريت. وفق الاساطير الاغريقية القديمة ساعدت أردياني الملك اليوناني ثيسيوس على قتل الرجل الثور المعروف بالمينوتور والهروب من متاهة قصر التيه الذي أنشأه والدها الملك ودلت أردياني ثيسيوس على فكرة مد الخيط خلال المتاهة مما سوف يساعده لمعرفة طريق الخروج. وبعد رومانسية الفتاة أردياني الهاربة مع حبيبها ثيسيوس تبدأ الدراما والتراجيديا حيث تذكر الاساطير الاغريقية أن حبيبها ذاك الذي ضحت بأسرتها من أجله هجرها بطريقة غريبة حيث  تركها وحيدة عندما كانت نائمة على جزيرة ناكسوس.
أما اشهر (سيدة هاربة) من بيت الزوجية فهي ولا شك الاميرة هيلين تلك التي خلد قصتها الدرامية الشاعر الأغريقي البارز هوميروس في ملحته الشعرية التراجيدية (الإلياذة) والتي تحكي هروب الفتاة المغرر بها هيلين زوجة مينلاوس ملك اسبارطة. فيما أحسب فإن القصة معروقة للجميع فبسبب هروب الزوجة هيلين مع الشاب اللعوب باريس اندلعت إحدى أكبر الحروب الاغريقية والتي بعد حصار طويل لمدينة طروادة الاسطورية انتهت الدراما باجتياح المدينة وحرقها بالكامل. القصة مشهورة كما ذكرت لكن الأمر غير المعروف بالضبط ماذا كان مصير تلك الأميرة الهاربة فحسب الشاعر الاغريقي ستيسكوروس الذي وصف بدوره هو الاخر قصة حصار طروادة فقد ذكر أنه بعد سقوط المدينة تجمع الإغريق الغزاة مع أهل طروادة لرجم وقتل تلك المرأة المشؤومة. البعض يذكر أن مصيرها كان كما هو متوقع القتل بالسيف على يد زوجها المغدور الملك مينلاوس في حين أن البعض الاخر وأن كان وافق على الاحتمال الاخر من وصف الاحداث أنها نجت وعادة للحياة مع زوجها الملك إلا أن شؤم أفعالها الشنيعة لاحقتها في آخر حياتها فحسب رواية المؤرخ الاغريقي باوسانياس أنه قام أهل جزيرة رودوس بشنقها من فوق شجرة.

صحيح أن ما سبق هو مجرد أساطير من نسج الخيال ولكن الذاكرة الجمعية للبشرية عبر القرون الطويلة سجلت مئات الاحداث والقصص الحقيقة التي وجدت طريقها في كل الثقافات الانسانية وبكل اللغات المحكية وفي أغلب الاقاليم الجغرافية والتي كلها رسخت الحقيقة الصاعقة: من يتنمر يتدمر. وفي مجال الرواية والأدب يمكن كتابة مجلدات متواصلة من ذكر الامثلة التي ناقشت شؤم العاقبة وسوء الخاتمة للمرأة المتحررة أو الفتاة المتنمرة ويكفينا هنا سرد أبرز تلك الاعمال الادبية العالمية بالغة الانتشار والشهرة من مثل رواية (مدام بوفاري) للأديب الفرنسي غوستاف فلوبير أو رواية (فتاة من روما) للكاتب الايطالي ألبرتو مورافيا أو رواية (آنا كارينينا) لأديب روسيا تولستوي أو رواية (نعومي) للروائي الياباني تانيزاكي أو رواية (صورة سيدة) للكاتب الامريكي هنري جيمس أو رواية (بيت الأرواح) للكاتبة البارزة في أمريكا اللاتينية إيزابيل أيندي أو رواية (ونسيت أنني امرأة) للروائي المصري إحسان عبدالقدوس أو في واقعنا المحلي رواية (أنثى تشطر القبيلة) لإبراهيم شحبي.
لماذا كل هذا الزخم المتدفق من الاعمال الادبية العالمية والافلام السينمائية الأوسكارية لتجسيد مأساة ودراما دوامة التشرد والاستغلال والانتحار التي تقع فيه الفتاة المتنمرة أو المرأة المتذمرة، لأن قصتها في غالب هي الحبكة الروائية المثالية لإبراز الدراما والتراجيديا في أعلى تجلياتها. وهذا بكل بساطة هو بالفعل ما حصل ويحصل وسوف يحصل لأكثر حالات هروب النساء من رمضاء العنف الاسري إلى جحيم ونار المجتمع الطاحن للفريسة الشاردة من القطيع. ولو تتبع المرء منا محور أي رواية ادبية أو فلم سينمائي أو أغنية فنية تدور عن (الفتاة الهاربة) أو (الأنثى المتحررة) أو (السيدة المستقلة) فلا شك أنه سوف يجد أغلب هذه الاعمال والمنتجات الفنية والادبية سوف تركز في النهاية على الجانب الدرامي المأساوي لحياة لتلك الفتاة الساذجة وكيف سوف يتم تحطيم مشاعرها واستغلال جسدها واحتقار رعونتها وبساطة تفكيرها في عاقبة ومألات الأمور.
في الآونة الغيرة بدأت أخبار الفتيات الهاربات والنساء المتنمرات بالتزايد في مجتمعنا المحلي وبطبيعة الحال يمكن محاولة التصدي لهذه الظاهرة الكارثية بأسلوب الوعظ الديني أو استثارة بقايا الحياء القبلي لدى المرأة أو استعراض الإحصائيات الاجتماعية أو سرد الدراسات النفسية والسلوكية. ولكنني فظلت توظيف جانب حب الشغف بالروايات والقصص لدى الفتيات والنساء إجمالا لكي أحذرهن منذ (البداية) بأن (نهاية) قصتهن الشخصية واضحة المعالم ومكررة المأتم إذا أصررن على سلوك ذلك الطريق الموحش واتخاذ ذلك المصير البائس وأن الأمر لن يختلف كثيرا عما توقعه يوما ما رئيس الوزراء الانجليزي ونستون تشرشل (لا أعدكم إلا بالدم والدموع والبكاء والألم).

الجمعة، 24 يناير 2020

( اللغة العربية ما زالت تؤذن في مالطا )

لوحة أرشادية في مالطا تثبت تفوق اللغة العربية !!!

د/ أحمد بن حامد الغامدي

اللغة من حيث هي منتج بشري ليست فقط وعاء فكري لنقل الحضارة والثقافة ولكنها من حيث كونها (قوة ناعمة) نجدها بعد انتهاء حروب اللغات إما أن يتم تدميرها وإعطابها أو يتم استلابها وكأنها (غنيمة حرب). بعد حروب الاسترداد الاسبانية وسقوط الأندلس تم طرد الاسلام والعرب من الجزيرة الايبيرية بشكل مهين وشنيع أما اللغة العربية في تلك الديار فأصبح جزء منها مأسور ومعتقل ضمن سياج اللغة القشتالية وكأنها بذلك غنيمة حرب فضل الإسبان منذ زمن ملك قشتاله وليون ألفونسو العاشر (ألفونسو تحكيم) الاحتفاظ ببعض المفردات العربية كما غنموا وحافظوا على العلوم العربية وعلى قصر الحمراء في غرناطة وقصر المورق في إشبيلية. تذكر الباحثة الاسبانية كارمن برافو والمهتمة بدراسة تاريخ وتأثير الحضارة العربية في الأندلس أنها عندما حللت نتائج استفتاء أجرته إحدى المجلات الاسبانية عن أجمل عشر كلمات باللغة الاسبانية، وجدت أن ثماني كلمات من تلك الكلمات العشر الفائزة هي كلمات ذات أصول عربية. كلنا يعرف بشاعة محاكم التفتيش الاسبانية والتعذيب المريع لسلخ المسلمين من دينهم وطردهم من بلادهم ومع كل هذا الاقصاء الحضاري والتطهير الديني إلا إن اللغة العربية (تلك القوة الناعمة والغنيمة الثقافية) وجدت طريقها للتغلغل والبقاء في نسيج الحضارة الاسبانية لدرجة أن بعض التقديرات تشير إلى أن ربع المفردات اللغوية في اللغة الاسبانية الحالية هي عبارة عن كلمات عربية الأصل.
القوة الناعمة العربية ممثلة في اللغة بالرغم من أنها استفزت محاكم التفتيش والاقصاء في الاندلس السليب لدرجة أنه تم في عصر الامبراطور الاسباني فليب الثاني منع المسلمين من التخاطب باللغة العربية وتحريم اقتناء الكتب العربية إلا تلك (اللغة الخالدة) كُتب لها البقاء وهذا أمرر تكرر كثيرا في التاريخ والجغرافيا ففي أزمان متعددة ومواقع متنوعة تمكنت اللغة العربية بشكل أو آخر من الصمود والممانعة. بعد سقوط الخلافة العثمانية لم يكتفي الرجل الصنم مصطفى كمال أتاتورك بمحاربة الدين وفرض العلمانية ولكنه سعى وبشكل متعمد في اجتثاث اللغة العربية من المجتمع التركي ليس فقط بمنع استخدم الأحرف العربية في كتابة اللغة التركية ولكن وصل درجة الفجور به لحظر الآذان باللغة العربية حيث أعتبر رفع الآذان باللغة العربية فعل مخالف للقانون. وفي سياق سياسة التتريك الاقصائية غزى الغازي أتاتورك على بقايا النفوذ العربي في المشهد الحضاري التركي فشكل لجنة خاصة أطلق عليها أسم لجنة صيانة اللغة التركية وكان هدفها الاساسي تخليص وتنقية اللغة التركية من مفردات وكلمات اللغة العربية. ومع كل هذا الاقصاء ضد الدين الاسلامي واللسان العربي ليس فقط عاد الآذان يرفع مرة أخرى باللغة العربية من فوق مآذن المساجد بل ما زالت مفردات اللفة العربية حية وشائعة في اللغة المحكية والمكتوبة التركية حيث يُقدر أن عدد المفردات ذات الأصول العربية المستخدمة في اللغة التركية قد تصل إلى حوالي 15 ألف كلمة. وبحكم أن كل التراث التركي القديم مكتوبا في الأصل بأبجدية الحروف العربية لهذا تم في السنوات الاخيرة إدخال تدريس اللغة العربية كمادة إلزامية في المدارس التركية لتمكين الأجيال الجديدة من قراءة الإرث التركي ومدارسة الدين الاسلامي بلغته العربية الخالدة.
قبل حوالي قرن من الزمن من توقيت منع الآذان باللغة العربية في اسطنبول (في 1932عام  ميلادي) وصل الأديب والكاتب اللبناني المعروف أحمد فارس الشدياق إلى جزيرة مالطا سنة 1826م وهنالك أكتشف أن المثل الدرج (كمن يؤذن في مالطا) أصبح خارج سياق الزمن ليس فقط لأن جزيرة مالطا الصغيرة يقيم بها الاف من المسلمين بل لأن الأغرب من ذلك أن اللغة العربية متوغلة بشكل استثنائي في اللغة المالطية. لا نعلم على وجهة الدقة ما هي قصة المثل الشائع لدينا في العالم العربي (بعد خراب مالطا) لكن نعلم أنه في غابر الزمن تم محو وازالة أي معالم تدل على أن الاسلام حكم تلك الجزيرة لمدة قاربت قرنين ونصف على يد ملوك قبيلة الأغالبة العربية القادمين من تونس. بالرغم من أن جزيرة مالطا خرجت من الحكم الاسلامي في نهايات القرن الحادي عشر الميلادي إلا أن (خراب مالطا) الحقيقي والمتمثل في محو الاسلام منها حصل بسقوطها الثاني عام 1479 ميلادي تحت حكم مملكة أرغون الاسبانية والتي سوف تتحالف بعد ذلك بسنوت قليلة مع مملكة قشتالة لإسقاط آخر معقل للمسلمين في الأندلس وهي مدينة غرناطة التي أحتلت عام 1492 ميلادي كما هو معلوم. والمقصود أن تلك المملكة المسيحية (مملكة أراغون وقشتالة) المتطرفة في التعصب الديني والتي قامت بتجريف الأندلس من مظاهرة الاسلامية لتجعله كالأرض اليباب والخراب هي نفسها من تسبب في (خراب مالطا) لدرجة أنه لم يبقى فيها من يستطيع أن يجاهر بحضوره  للصلاة ولهذا قيل في وصف أي شيء بدون فائدة (كمن يؤذن في مالطا).
وتشير المراجع التاريخية الأوروبية أنه بنهاية القرن الخامس عشر تم طرد عدد كبير من المسلمين من جزيرة مالطا (الشتات العربي يتكرر في كل وقت وحين ألم يقل الشاعر الفلسطيني محمود درويش: وسنسأل أنفسنا في النهاية هل كانت الأندلس ههُنا أم هناك !!) ومن بقي منهم أجبروا جميعا على اعتناق المسيحية وتغيير اسمائهم العربية. ومع ذلك مأساة مسلمي مالطا لم تنتهي فصولا بعد فمنذ منتصف القرن السادس عشر تولى حكم مالطا طائفة دينية مسيحية اكثر تعصبا وشراسة حيث حكمها (فرسان مالطا) لمدة ثلاثة قرون. في بداية الحروب الصليبية في المشرق العربي ظهرت طائفة (فرسان المعبد) لحماية القدس المسيحية من الوقوع في يد المسلمين بعد استرجاعها وبعد ذلك بخمسة قرون سوف يقوم أحفادهم (فرسان مالطا ورودوس) بحماية مدينة روما من السقوط في قبضة الاسطول العثماني المسيطر على البحر الابيض المتوسط. أمر غريب في تاريخ فرسان مالطا تنبغي الاشارة والتنويه إليه يتمثل في كون تاريخهم مشبوه ليس فقط بسبب كونهم فلول وبقايا الحملات الصليبية ولكن توجد شبه قوية بارتباط منظمة فرسان مالطا بالماسونية العالمية والاساطيل البحرية للقراصنة. ما أود الوصول له بعد هذا التطوف التاريخي هو رسم الصورة المعادية للإسلام ورموزه الحضارية في جزيرة مالطا في القرون القديمة ومن ذلك ولا شك التضييق على المظاهر العربية مثل اللغة واللباس. ومع كل هذا العداء ما زالت اللغة المالطية متأثرة ومنذ اكثر من ألف عام باللغة العربية وقت أن حكم العرب جزيرة مالطا وصقلية ولهذا توصف اللغة المالطية بأنها مشتقة من اللهجة العربية الصقلية. بمعنى أن اللغة المالطية في الأساس ليست لغة أصيلة ذات جذور أوروبية  وإنما هي ذات أصول شرقية سامية فينيقية أو عربية على الأرجح. صحيح أن اللغة المالطية الحالية بها العديد من الكلمات والمفردات من اللغة الايطالية والانجليزية لكن اللغة المالطية الأصلية والقديمة يقال أن أكثر من ثلثي كلماتها والعديد من قواعدها النحوية مأخوذة من اللغة العربية وبلهجة تونسية واضحة. بدون مبالغة كل من يزور الجزيرة المالطية الخلابة سوف يصعق من شدة التقارب بين اللغة المالطية واللغة العربية وأشهر نص مكتوب يوثق ويناقش التقارب الغريب بين هاتين اللغتين هو ما ذكرة الأديب اللبناني السابق الذكر أحمد فارس الشدياق في كتابه الفريد (الواسطة في معرفة أحوال مالطا). تحت عنوان (فصل في لغة مالطة) ذكر الشدياق أن اللغة المالطية فرع من الدوحة العربية وشيصة من تمرها وتعجب أنها (لغة محكية) لم يتم استخدامها في الكتابة ولأن أغلب كلماتها تم اشتقاقها بشي من التحوير من اللغة العربية فلهذا كانت لغة هجينة وضعيفة وعليه (نقدها) الشدياق بقولة:
تباً لها لغة بغير قراءةٍ          وكتابةٍ عين بلا أنسانِ
أذنابها ورؤوسها عربية       فسدت وأوسطها من الطلياني
والأمر الملاحظ بشكل جلي في اللغة المالطية أنها ليس فقط تستخدم كم مهول من المفردات العربية بل أن تكوين الجمل اللغوية الطويلة بل وحتى الابيات الشعرية مبني على استخدام تركيب الكلمات العربية ومن ذلك ما ذكره الشدياق من الابيات الشعرية التي سمعها من أهل تلك الجزيرة وبلغتهم المالطية مثل قول الناظم:
المحبوب تا قلبي سافر       ليلي ونهاري نبكيح
جعلتو بدموعي البحر     وبالتنهيدات تا قلبي الريح
كما يقول أحمد فارس الشدياق أن مما سمعه من الشعر المالطي قول أحدهم في الغزل:
ينا اشتقت نجي فوق سدتك         نجي شبيهه تا عصفور
نطفي المصباح بجوانحي       نعطيك بوسه ونرجع نمور

Xi hadd jitkellem bl-Ingliz
العبارة السابقة المكتوبة بالحروف الانجليزية هي ترجمة قوقل من اللغة العربية إلى اللغة المالطية للعبارة العربية (هل يوجد أحد يتكلم الإنجليزية) والتي تصبح باللغة المالطية كالتالي (في حدا يتكلم بالانجليز). وخلال زيارتي لجزيرة مالطا هذا الاسبوع كنت في الواقع عندما أقول (كم تسوا دان إلكتيب) kemm tiswa dan il-ktieb فأن في الواقع كنت أنطق باللغة المالطية العبارة العربية التي تقول: كم تكلفة هذا الكتاب. شواطئ جزيرة مالطا جميلة جدا وإذا أردت أن أعبر عن رغبتي في السباحة في ماء البحر فسوف أنطق ذلك باللغة المالطية كالتالي: أنحوب نعوم في إيلما بحر (inhobb nghum fl-ilma bahar). العبارات الكاملة من اللغة المالطية شبة المتطابقة مع اللغة العربية يجدها الزائر بكل سهولة في اللوحات الارشادية والتحذيرية في شوارع مالطا ومن ذلك مثلا تجد أن اللافتة التحذيرية من رمي القمامة (الزبالة) في الطريق تنطق كالتالي: ترميش زبل فت تريق (tarmix zibel fit-triq). جزيرة مالطا جميلة ونظيفة ومتعة للزائرين ولهذا يحق للسائح لها أن يردد يردد المثل الدراج باللغة المالطية الذي يقول بلهجتهم: فين نحب القلب يمشو الرجلين (fejn thobb il-galb jimxu r-riglejn) والذي يقابله باللغة العربية الفصيحة: حيثما يعشق القلب تتبع الأقدام.
وبعد هذه الامثلة اللغوية السريعة ليس من المستغرب أن نعرف الان أن أكثر من 70 بالمائة من مفردات اللغة المالطية هي مشتقة أو محورة من كلمات عربية. وأوضح ما يكون ذلك في معرفة أن جميع كلمات الاعداد هي مفردات عربية فمثلا لو اردنا أن ننطق تاريخ سنة 1919 ميلادي فهي تنطق كالتالي باللغة المالطية (ألف دسعا ميا وا دسعتاش) elf disa mija u dsatax واخترنا هذا التاريخ باذات لأنه يوافق مرور مائة سنة على إقامة أهم شخصية عربية في جزيرة مالطا وهو الزعيم المصري سعد زغلول عندما قامت قوت الاحتلال الانجليزي بنفيه وبعض رفقائه من مصر إلى مالطا في ذلك التاريخ.

وفي الختام اللغة العربية بالرغم من كل محاولات (حرب اللغات) للاستنقاص من مكانتها وساحة تواجدها هي لغة محفوظة ومباركة وثرية وسوف يكتب لها بمشيئة الله الخلود. في المسيرة البشرية الطويلة عدد ملحوظ من اللغات الكبرى اندثرت (مثل اللغة الفرعونية واللغة الفينيقية) وعدد هائل انصهر في لغات أخرى. ولكن اللغة العربية ما زالت فتية ومتجددة لها كيانها الخاص كما أن لها تواجدها الطاغي والمؤثر في اللغة الفارسية واللغة التركية واللغة الهندية واللغة السواحلية في شرق أفريقيا واللغة الامازيغية في شمال افريقيا بل وحتى اللغة الانجليزية التي دخلها عدد كبير من الكلمات العلمية المستوردة من الحضارة العربية القديمة.


الأربعاء، 8 يناير 2020

( النباتات المهاجرة .. النخلة أنموذجاً )

وجود النخلة في باريس .. حيرني وحير رفاعة الطهطاوي قبلي!!

د/ أحمد بن حامد الغامدي

تذكر كتب الأدب العربي أن مؤسس الدولة الأموية في الأندلس عبدالرحمن الداخل الملقب بصقر قريش شاهد يوما ما بالأرض الاسبانية شجرة نخيل وحيدة فاستغرب نموها في غير مرابعها وموطنها الأصلي ولهذا هاجت أشجانه وتذكر وطنه بأرض الشام فقال:
تبدَّتْ لنا وسط الرُّصافةِ نخلةٌ              تناءتْ بأرض الغربِ عن بلدِ النخلِ
فقلت شبيهي في التغرب والنوى          وطول التنائي عن بنيَّ وعن أهلي
نشأتِ بأرض أنت فيها غريبة              فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي

وقع ذلك المشهد قبل 1200 سنة وقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر (جسر قرطبة وليس جسر الرصافة) منذ ذلك الحدث فتغيرت شعوب واندثرت أمم وانطلقت من إسبانيا ذاتها كشوف جغرافية طافت الكوكب من أدناه إلى أقصاه  نُقلت خلالها عادات وبضائع ونباتات. لم يعرف العرب بشكل واضح شجرة البرتقال وإن كان عرفوا أشجار النارنج الشبيه به ولاحقا في زمن الانحطاط انتقلت شجرة الحمضيات تلك من أرض الاندلس إلى أغلب الدول العربية عبر الرحالة والتجار البرتغاليين ولهذا جادت قريحة اسلافنا بتسمية تلك الفاكهة بذلك الاسم الملون الغريب (البرتقال).
الهجرات البشرية واقع ملموس منذ الازل وتم خلال تيار الزمن الجراف نقل الاف من الحيوانات والنباتات والافكار والمخترعات عبر الحضارات والممالك المتباعدة. الحضارة الاسلامية نشرت في الافاق مورثها الديني واللغوي والمعرفي ولكنها بيئة شحيحة بالنبتات فلم تحرص على نقلها ففاقد الشي لا يعطيه كما يقال. المنظور الثقافي للشعوب الأخرى قد يختلف عنا ففي حين كان الملك العربي الاندلسي يتعجب من وجود النخلة في الارض الاندلسية نجد لاحقا ملوك الامبراطورية الاسبانية والبرتغالية هم من نقل زراعة النخيل إلى العام الجديد في امريكا اللاتينية. النخلة في موروثنا الثقافي الجمعي رمز للرسوخ والثبات فلم نحرص على نقلها بينما في الموروث الكنسي المسيحي يجدون عندهم مكتوب في سفر المزامير أن الاخيار سوف يزدهرون وينتشرون مثل شجر النخيل.في الواقع فيما يخص النخيل:الثابت عندنا هو متحول عندهم ولهذا لا غرابة أن الاسبان عندما وصلوا إلى الغابات الاستوائية في أميركياالوسطى ووجدوا نبات شبيه بالنخيل يغير مكانه مع الزمن لم يترددوا بان يطلقوا عليه وسم شجرة النخلة الماشية (walking palm tree).
لاحقا في ثنايا هذا المقال سنعرف أن لا (خصوصية ثقافية) لشجرة النخيل ببلاد العرب وواحات الصحراء بل هي تزرع الآن في أرض الجليد وجزر المحيط ومن هذا وذاك يجب أن نفخر أنه بالفعل (عمتنا النخلة) هي أرث حضاري مشاع بين أغلب شعوب العالم. في هذا الأسبوع صدر قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إدراج شجر النخيل والتمر ضمن قائمة التراث غير المادي للبشرية. البعد العالمي لشجرة النخلة متجذّر في التاريخ البشري منذ الأزل فالعديد من الحضارات القديمة والمذاهب الدينية تعتبر النخلة تجسيد لاسطورة (شجرة الحياة) كما نجد ذاك عند الفراعنة في أرض النيل أو الآشوريين في بلاد الرافدين كما اعتبرت النخلة رمز لسر الحياة وفق عقائد القبالة اليهودية. قبل سنوات نشرت مقالا حمل عنوان (رمزية الجَمل في الثقافات الاخرى)أشرت فيه إلى المبالغة في افتراض الخصوصية المزعومة للمجتمعات العربية ببعض المظاهر الحضارية وكأنها حكر علينا وماركة مسجلة لنا. وعلى نفس نسق مثال الجمل وقافلة الأبل نقول هنا أن شجرة النخيل أو واحة الصحراء أو قهوة الضيافة ليس بالضرورة هي (خصوصية ثقافية) للمجتمعات العربية فقط. بكل تجرد يمكن القول أن وصول شجرة النخيل إلى (العالمية) عبر قرار اليونيسكو سالف الذكر لاقى صدى عالمي ليس فقط لجهود الدول العربية ولكن ايضا (للجاذبية الحضارية) لشجرة النخيل عند الشعوب الأخرى لدرجة أنه في الحس الغربي فإن وصف (مدينة النخيل) يعني عندهم مدينة لوس انجلس الامريكية وليست مدينة البصرة العراقية أو الهفوف السعودية أو مراكش المغربية.

النخلة شجرة مباركة في أرض غريبة
بعدآخر زيارة لي للعاصمة الفرنسية باريس صح العزم مني أخيرا أن أقرأ كتاب (تخليص الابريز عن تلخيص باريز) للكاتب والرحالة المصري الشهير رفاعة الطهطاوي والذي وثق في هذا الكتابمشاهداته وانطباعاته وانتقاده للحضارة والثقافة الفرنسية في مدينة باريس في منتصف القرن التاسع عشر.الغريب في الأمر أن كلا من المفكر الطهطاوي وشخصي المتواضع لفت انتباهنا وأثار استغرابنا وجود أشجار النخيل في ساحات وميادين باريس وإن كان كل منا أستغرب الحدث من زاوية مختلفة متأثرا بتصوراته القديمة. أما أنا فشخصية ذو خلفية علمية وبحكم أنني لم يسبق لي على الاطلاق أن شاهدت شجر النخيل في أي من دول شمال أوروبا إلا اشجار النخيل  التي شاهدتها في البيت الزجاجي الضخم والبالغ الجمال والاناقة المسمى (بيت النخيل) في حدائق النباتات الملكية في منطقة كيو Kew  في ضواحي مدينة لندن. ولهذا ضللتني سذاجتيفي طريقة التفكير العلمية للاستنتاج أن شجر النخيل لا يمكن أن يعيش في المناطق الباردة إلا تحت أجواء اصطناعية دافئة كما فعل الانجليز. ولهذا استغربت (كما استغرب صقر قريش من قبل) وجود أشجار النخيل (المهاجرة) تلك ونموها في غير مرابعها وموطنها الاصلي. ومن جانب آخر شعرت أنا وزملائي الكرام بالفخر البالغ لاعتناء الخاص من قبل الفرنسيين بأشجار النخيل  في حدائق لكسمبورج الرائعة الجمال في الحي اللاتيني في وسط باريس حيث أبرزت بغرسها في حاوية خاصة ومنفردة ووضعت في أمكان استراتيجية حول البركة المائية الرئيسة وأما مدخل القصر التاريخي الفاخر.
أما ما كان من استغراب رائد النهضة العربية رفاعة الطهطاوي لوجود النخيل في مدينة باريس فإنه كان قد قرأ في شبابه في كتاب (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) لشيخ الجغرافيين العرب القزويني أن النخلة شجرة مباركة وعجيبة ومن عجائبها أنها لا تنبت إلا في بلاد الاسلام ولهذا اهتزت ثقة الطهطاوي في بعض المعارف العلمية التي عرفها سابقا.
حقا وصدقا (ما أوتيتم من العلم إلا قليلا) ففي الوقت الذي غررت بي خلفيتي العلمية القاصرة إلى استبعاد إمكانية نمو شجر النخيل في الهواء الطلق بالمواقع الجغرافية الباردة كان علماء أوروبا ومنذ منتصف القرن الثامن عشر يتبادلون بينهم الرسائل والتقارير في رصد ظاهرة نمو أشجار النخيل في بعض المدن الاوروبية. في العام 1764 ميلادي تم نشر مقال علمي خاص في كتاب السجل السنوي البريطاني The Annual Register حمل عنوان (تشجيع زراعة شجرة النخيل في المناطق الشمالية الباردة)نوقش فيه رصد تجارب زراعة أشجار النخيل في بعض المدن الاوروبية مثل مدينة برلين ومدينة مونبيليه الفرنسية.وبالانتقال لجنوب أوروبا نجد في القصة القصيرة (قطة في المطر) للأديب الامريكي البارز ارنست هيمنغواي نتبين أن شجرة النخيل حاضرة في المشهد الأدبي حيث تدور القصة في مدينة ايطالية زاخرة بشجر النخيل. بينما الجزر اليونانية وبلاد الاغريق قصة ارتباطها بشجرة النخيل المباركة عريقة وقديمة فوفق بعض الاساطير الاغريقية تعتبر شجرة النخلة شجرة مقدسة لأن الإله الاغريقي أبولو آلة الشمس ولد بزعمهم تحت شجرة نخيل في جزيرة ديلوس. ولهذا عندما انتصرت دول المدن اليونانية (المسماة دول الحلف الديلي نسبة إلى جزيرة ديلوس) بقيادة مدينة أثينا ضد الجيوش الجرارة لأعدائهم من الفرس والفينيقيين في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد تم الاحتفال بالنصر عن طريق نصب مجسم برونزي لشجرة النخيل في مدينة ديلفي اليونانية المقدسة. ومن هنا أرتبط شجر النخيل في الثقافة اليونانية والرومانية القديمة بالانتصار وتحقيق الفوز ولهذا جرت عادة منح وتقديم سعف النخيل للفائزين في البطولات الرياضية أو للقادة العسكريين المنتصرين في الحروب. ولاحقا دخلت هذه العادة في الديانة المسيحية حيث كما هو مشهور أُستقبل السيد المسيح بجريد النخيل عندما دخل مدينة القدس. من عجائب الأمور أن ارتباط شجرة النخيل بالسيد المسيح تسبب بشكل أو آخر في نقل وانتشار هذه الشجرة المقدسة عندهم (المباركة عندنا) في بقاع كثيرة من الأرض. فمثلا نجد أن بعض المصادر التاريخية تشير إلى أن بداية زراعة النخيل في أمريكا الشمالية وبالتحديد في ولاية كاليفورنيا تم من خلال البعثات المسيحية الاسبانية في القرن السابع عشر الميلادي لاحتياج رجال الكنيسة لاستخدام سعف النخيل في طقوس المواكب الدينية التي كانت تطوف المدينة في يوم الأحد من عيد الفصح من كل سنة. ولمثل هذه الاسباب الدينية وغيرها انتشر شجر النخيل في عموم العالم الجديد في امريكا الشمالية وامريكا اللاتينية.
سبق وأن ذكرنا أنه في الحس الجمعي للشعوب الغربية ترمز شجرة النخلة للنصر والسمو والازدهار ولكنها في الوقت الحالي أصبحت كذلك هي رمز وايقونة للشيء الفاتن والغريب exotic ولهذا انتشر لدى العديد من أهل الثراء والجاه في الغرب والشرق زراعة شجر النخيل في قصورهم وحدائقهم الخاصة. وهذا ما يفسر اسباب الموجة الثانية من شيوع زراعة النخيل في أغلب حدائق ومدن العالم الكبرى. في واقع الأمر فإن الانتشار الجغرافي لزراعة شجر النخيل واسع ومستمر ويمتد من القارة الاسترالية في أدنى الشرق وحتى القارة الامريكية في أقصى الغرب. وعلى ذكر الولايات المتحدة الامريكية وصل الأمر فيها لكثرة تواجد شجر النخيل بها أن نجد أن لقب ولاية كارولاينا الشمالية هو (ولاية النخلة) في حين أن مدينة لوس أنجلس التي تحتوي شوارعها على حوالي خمس وسبعين ألف نخلة تستحق بجدارة أسم (مدينة النخيل). بالمناسبة العديد من المدن الامريكية مثل ميامي وسان دييغو ولوس أنجلس ليس فقط تشتهر بكثرة أشجار النخيل في شوارعها ومنتجعاتها ولكن أيضا بفخامة سلالة ذلك النوع من النخيل الذي يتميز بالطول الشاهق جدا علما بأن أطول اشجار النخيل على الاطلاق توجد في وسط دولة كولومبيا في أمريكا الجنوبية والتي قد يصل طول أشجار النخيل إلى حوالي ستين مترا !!.

بقي أن أختم بتذكير وأعتراف فأما التذكير فهو للخطأ الذي وقع فيه قديما شيخ الجغرافيين العرب القزويني عندما قال (أن النخلة شجرة مباركة وعجيبة ومن عجائبها أنها لا تنبت إلا في بلاد الاسلام) وإذا بنا كما علمتم نجدها تنبت وتزدهر وتنتشر في أي (أرض غريبة) وكأنها قد هاجرت من بلاد الاسلام مع من هاجر. وأما الاعتراف فهو في جزء منه تذكير بخطئي الذي اشرت إليه سابقا عندما كنت أعتقد أن شجرة النخلة لا تعيش في (أجواء غريبة) مثل الاجواء الأوروبية الباردة. في الواقع لو لم يغب عن ذهني عنوان كتاب القزويني لما وقعت في هذا الخطأ، فإذا كان عنوان كتابه (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) فلماذا العجب من احتمالية نمو النخيل في الاجواء الباردة بل حتى في المناطق شديدة الزمهرير. من عجائب المخلوقات أن تجد أشجار النخيل تنمو الآن وتزدهر في مناطق تتجمد فيها الانهار والبحيرات في فصل الشتاء كما في مدينة موسكو الروسية أو مدينة فانكوفر الكندية أو مدينة شيكاغو الامريكية.
لقد بدأنا المقال ببلاد الأندلس وسوف نختمه بالأرض الاسبانية حيث قامت الروائية الاسبانية لويز جاباس في عام 2012 بنشر رواية لاقت انتشار كبير ومن ثم تحولت لفلم سينمائي ناجح وما يهمنا هنا أن عنوان تلك الرواية/ الفلم هو (شجرة نخيل في الثلج) وبعيدا عن الاجواء الرومانسية لتلك الرواية الطويلة جدا يبدو أن عنوان الرواية سوف يتحول عالم (المجاز الأدبي) إلى دنيا (الحقيقة العلمية). قبل أشهر قليلة مضت تم الاعلان عن زراعة بعض أشجار النخيل في أرض الثلج والجليد أيسلندا (Iceland) في إحدى حدائق العاصمة ريكافيك علما بأن درجة الحرارة منخفضة جدا في غالب أيام السنة فهل سوف تنجو تلك (النخلات الثلجية) لتصبح بالفعل من عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات.