الجمعة، 23 ديسمبر 2016

( من الله أكبر فتحت كابل .. إلى الله المستعان سقطت حلب )

بعد خراب مدينة الشهباء.. لك الله يا حلب
 
 
د/ أحمد بن حامد الغامدي
خمس وعشرون سنة في تاريخ الشعوب هي كلمح بالبصر أو هو أقرب ومع ذلك شهدت منطقتنا العربية والاسلامية تغيرات سياسية محيرة ومريعة ففي عام 1992 احتفلنا جميعا وعبر بلساننا الجمعي أحد الفضلاء عندما ألقى محاضرة رنانة بعنوان (الله أكبر فتحت كابل). وفي لحظتها كان الاتحاد السوفيتي قد تفتت وروسيا الاتحادية في وضع اقتصادي كارثي وبعد إعلان (النظام العالمي الجديد) وسياسية القطب الواحد الامريكي (لا شريك له) اسقطنا تماما من حساباتنا أي أهمية أو تأثير للملاعين الحمر شيوعي روسيا ولم ننتبه أن التاريخ ربما يعيد نفسه. صحيح أننا صعقنا بهمجية وبربرية الجيش الروسي الغاشم وهو يدك مدينة جروني الشيشانية على رؤوس سكانها المدنيين إلا أننا ظننا هذه المأساة والمصيبة هي في (أطراف العالم الاسلامي الشرقي) كما أن مصيبة سراييفو في نفس التوقيت تقريبا هي بعيدة عنا في (أطراف العالم الاسلامي الغربي) ولم نكن نعلم أن الاعداء الشيوعيين أو الصلبيين على حدا سواء يمكن أن يتغلغلوا في غفلة من الزمن إلى قلب ساحات العالم العربي في بغداد وحلب والموصل.
حلب والموصل .. قصة مدينتين
في فترات متعددة من التاريخ لطالما ارتبط واقع ومصير مدينتي حلب والموصل كما ارتبط كثيرا واقع ومصير مدينتي القاهرة ودمشق ونتيجة لهذا التوأمة المدنية كانت مآسي وأحزان أو نصر ورفعة إحدى المدينتين هي عنوان الحقيقية للمدينة الأخرى. إن الاهمية الاستراتيجية والحضارية للمدينتي حلب والموصل ليس تعود فقط لأنهما عمق التواجد العربي السني في المشرق لكن ايضا أنهما كثيرا ما كانتا (جدار الصد) وخطوط الدفاع الامامية للعالم العربي. في القرن الرابع الهجري تعرض العالم الاسلامي لاستفزازات وحملات عسكرية متوالية من قبل الامبراطورية المسيحية البيزنطية وكان جدار الصد لنا نحن العرب مملكة بني حمدان لسيف الدولة في حلب وأخية ناصر الدولة في الموصل وهي الحروب التي خلد بعضها المتنبي في قصائده التي كان يمدح فيها سيف الدولة أو شعر أبي فراس الهمداني في قصائده التي عرفت (بالروميات).  أما في القرن السادس الهجري فنجد أن الدولة الزنكية تبسط نفوذها على مدينتي حلب والموصل وهنا مرة ثانية كان لهاتين المدينتين دور بارز في تقليص نفوذ الصليبيين في العمق العربي وطردهم من العديد من المدن الاسلامية.
دروس التاريخ تخبرنا انه إذا كانت هاتين المدينتين في عز قوتها ومنعتها كنا محميين بفضل الله من شرور الشعوب الأخرى أما إذا أصابهما الضعف والترهل السياسي والتشظي كما في أواخر حكم الدولة الأيوبية فإن الموصل وحلب تصبحان في الغالب وللأسف الشديد ممر ومعبر سهل للغزاة والبرابرة كما حصل مع التتار في القرن السابع الهجري زمن هولاكو أو القرن الثامن الهجري زمن تيمورلنك.
لذا بعد سقوط حلب والموصل في الطريق نقول ( ويلٌ للعرب من شر قد أقترب) ففي الحديث الشريف أنه في حال ضعف الأمة تتكالب عليها الاعداء وتتداعى عليها الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها وهذا ما نشاهده رأي العين في واقعنا المعاصر فلعله لأول مرة في التاريخ يجتمع الشرق والغرب في حرب مشتركة علينا. فمدينة حلب تباد على يد الصفويين الرافضة بدعم وقصف روسي أثيم ومدينة الموصل تباد بنفس الايدي الخبيثة ولكن بدعم وقصف أمريكي أثيم وكأن حالنا كما قال المتنبي لسيف الدولة الحمداني صاحب حلب:
وسوى الرّوم خلف ظهرك رُومُ      فعلى أي جانبيك تميلُ
والعالم العربي والاسلامي كالجسد الواحد والداء والجائحة التي تصيب الاطراف تنتقل إلى أعماق الجسد كما قال الأول:
إذا مات بعضك فأبك بعضا         فإن البعض من بعض قريب
والله المستعان وعليه التكلان وما لنا إلا أن نقول كما كان يردد أهل سوريا من خمس سنوات (ما لنا غيرك يا ألله).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق