رونالد وين هل هو (الخاسر الأكبر) في التاريخ
د/ أحمد
بن حامد الغامدي
كذبة أبريل هل يمكن أن تكون تفسير لسبب
أكبر خسارة مالية لشخص في تاريخ البشرية .. ربما. ما حصل قبل اربعين عام من الان
له عدة تفسيرات لكن لعلنا نلطف الامر بتلفيق هذا التبرير: ففي أول يوم من شهر
أبريل لعام 1976 أجتمع الثلاثة الكبار في تاريخ اكبر شركة في العالم وهي شركة أبل
وهم الشابين ستيف جوبز وستيف وزنياك مع رجل الاعمال رونالد وين Ronald
Wayne وذلك لكتابة عقد الشركة الجديدة. الفكرة
الاساسية للبرنامج الالكتروني Apple I والتمويل المالي لتنفيذه تكفل به الشابان
لكنهما احتاجا السيد وين لإكمال النواحي القانونية بوجود ما يسمى الوصي ولهذا كان
نصيب السيد وين من الشركة 10% فقط. وبعد حوالي أسبوعين فقط من هذه حادثة توقيع
العقد شعر السيد رونالد وين بالقلق من التورط في مخاطرة مالية جديدة حيث أنه تعرض
قبل فترة قصيرة لخسارة مالية. لا أدري إن كان السيد رونالد وين قد حس أن توقيع
العقد في الأول من أبريل نذير شؤم أم مقلب ومزحة ثقيلة لكنه أقنع الشابين بشراء
حصته في الشركة بمبلغ 800 دولار.
قبل عدة أيام تم الاعلان بأن القيمة
السوقية لشركة أبل تجاوزت الترليون دولار أمريكي (أي مليون مليون) وبهذا لو استمر
السيد رونالد وين في تملك أصول هذه الشركة لربما كانت ثروة الان تقدر بمائة بليون
دور أمريكي وبهذا يكون ثاني أغنى شخص في العالم.
خسارة كبيرة ولا شك والادهى من ذلك أن
السيد رونالد وين عبر السنوات الماضية ومع الارتفاع المستمر في القيمة السوقية
لشركة أبل كان يقابل بالتقريع من جميع الناس والاعلام والصحافة الذين ويذكرونه بكم
خسر من ذلك الاستعجال غير المحمود.
الغريب في الامر أن (المخترع الحقيقي)
لجهاز Apple
I وهو اساس هذه الشركة هو مهندس الالكترونيات ستيف وزنياك الذي كان
يملك في العقد الاصلي للشركة نصيب 45% مثل نصيب ستيف جوبز ولكنه هو الاخر في مرحلة
ما قام ببيع نصيبه في الشركة والاحتفاظ بنسبة مئوية ضئيلة من أسهم تلك الشركة
العمالقة. الجدير بالذكر أن السيد ستيف وزنياك كان الاسبوع الماضي هنا في المملكة
للمشاركة كضيف شرفي في مسابقة التطبيقات الالكترونية للحج (هاكاثون الحج 2018) ولا
أعلم ما كان شعوره هو الاخر الاسبوع الماضي عندما علم بوصول شركة أبل لقيمة
الترليون دولار.
لا شك أن كلا من رونالد وين وستيف وزنياك
خسروا مئات البلايين من الدولارات في صفقات شركة التفاح الالكتروني Apple
لكن حتى الدول والشعوب قد تقع في خسائر مالية وصفقات فاشلة لأننا جميعا وببساطة لا
نعلم الغيب وإلا لكنا استكثرنا من الخير الدنيوي والاخروي. أكبر خسارة في صفقة
مالية في التاريخ ليست مرتبطة بشركة أبل ولكن (بالتفاحة الكبيرة) Big
Apple وأعنى بها مدينة نيويورك. المركز العصبي لدينا المال والاعمال والبنوك
والبورصات في العالم كله هي جزيرة مانهاتن في نيويورك وهي بهذا أغلى منطقة تجارية
في العالم ومع ذلك تم شرائها بمبلغ في حدود 24 دولار فقط. يقال أن الهولنديين
اشتروا عام 1626جزيرة مانهاتن من الهنود الحمر بذلك المبلغ الزهيد وذلك كقيمة لبعض
الاقمشة وعقود الخرز لكن الاغرب من ذلك أن الهولنديين أنفسهم اضطروا بعد ذلك بعدة
عقود أي في عام 1667 لبيع جزيرة مانهاتن للبريطانيين على أن يحصلوا بدلا عنها على
جزيرة بركانية في وسط المحيط الهادي تشتهر بزراعة التوبل. وعلى نفس الدرجة تقريبا من
عدم التوفيق الاستثماري باع نابليون بونبارت اقليم لويزيانا الفرنسية للولايات
المتحدة بمبلغ 11 مليون دولار وهو مبلغ زهيد جدا لشراء منطقة جغرافية تشكل الأن
حوال 15 ولاية أمريكية بمساحة تقارب ربع مساحة الحالية للولايات المتحدة الامريكية
!!!.
عدم التوفيق في الصفقات متكرر في تاريخنا
القديم والاوسط والحديث ففي الجاهلية يقال أن قصي بن كلاب اشترى في جلسة سمر مفتاح
الكعبة وسدانتها من شيخ قبيلة خزاعة بزق (وعاء) خمر بينما الشاعر العباسي سالم
الخاسر أكتسب سبة الدهر وذلك اللقب الشنيع لأنه يقال أنه باع مصحف شريف واشترى
بثمنه طنبورا أي آلة موسيقية شبيهه بالعود.
جعلنا الله واياكم ممن يقال لهم (ربح
البيع .. ربح البيع) في الدنيا والاخرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق