الجمعة، 23 أبريل 2021

( أسطورة الأدب الغربي الرفيع )

الكاتب الفرنسي ميشيل فوكو عزز كشف فضائح مشاهير الأدب الغربي

 

د/ أحمد بن حامد الغامدي

 في منتصف القرن العشرين نشبت معركة أدبية بين الكتاب العراقي البارز الدكتور على الوردي وبين الدكتور العراقي عبدالرزاق محي الدين أستاذ الأدب العربي وكان مدار ذلك السجال في بعض مناحيه حول سلوك بعض (الأدباء) المنافي للأدب والأخلاق. ومن هنا جاء عنصر السخرية في عنوان الكتاب الشهير لعلي الوردي (أسطورة الأدب الرفيع) وبالذات عندما ناقش في جزء منه ارتباط الشعر العباسي بالشذوذ الجنسي. وكما ظهر في تاريخ الأدبي العربي موجة (شعراء المجون) ظهر في تاريخ الأدب الغربي موجات متتالية مما يسمى بزخرف القول (الأدب) المكشوف أو (الأدب) الإباحي والذي طغى طوفانه منذ القرن الثامن عشر. الطامة الكبرى ظهرت في التداخل موجة المجون العربي وموجة الشهوانية الأوروبية في مطلع القرن التاسع عشر عندما وبدافع من توسيع روافد الأدب الجنسي قام العديد من الكتاب والأدباء والباحثين الغربيين بنشر ترجمة المؤلفات والكتب العربية التي تدور حول الشهوات والشذوذ. ومن خلال ترجمة كتاب ألف ليلة وليلة وما ورد فيها من مجون الخلفاء ودعارة بعض الشعراء مثل أبو نواس تشكلت في (المخيلية) الغربية خرافة أن المجتمع الشرقي والغربي ماجن ومنحل. ومنذ منتصف القرن التاسع عشر تقاطر العشرات من الأدباء والشعراء الأوروبيين إلى البلاد العربية لمحاولة اشباع شهواتهم وشذوذهم الجنسي.

في هذا الأسبوع أصيبت الدوائر الأدبية والمنتديات الصحفية بصدمة كبيرة بعد أن قامت جريدة الصاندي تايمز البريطانية بنشر تقرير صحفي تتهم فيه الفيلسوف والناقد الأدبي الفرنسي المعروف ميشيل فوكو بأنه قام في فترة إقامته في تونس في نهاية الستينيات من القرن العشرين باغتصاب والانتهاك الجنسي للعديد من الأطفال. لقد بلغ الفجور والشذوذ بهذا المفكر المزعوم الذي اهتم بكتابة تاريخ الجنسانية وحب الغمان عند الرومان أنه كان يعتدي على أوليائك الأطفال الصغار جدا في مكان موحش مثل مقبرة ضاحية سيدي بوسعيد. وفي ضوء ما تم ذكره سابقا كان المفترض ألا يكون مثل هذا الخبر (صاعقا) أو مستغرباً وإنما دليل جديد وفصل آخر من فصول الكتاب المخزي (للأدباء) الغربيين وفجورهم وفسقهم وشذوذهم الذي أفرغوه في الشرق.  الإيروتيكية المثلية والتصورات الجنسية الماجنة والمتخيلة للغرب عن الشرق هي التي قادت مشاهير وأبرز كتاب القارة الأوروبية لزيارة البلاد العربية خصوصا تلك التي تقع تحت الاحتلال الفرنسي. ومن هنا نعلم مثلا لماذا لم يتورع كثيرا المؤلف الفرنسي أندرية جيد (الحاصل على جائزة نوبل في الأدب 1947م) في الاعتراف بأنه ذهب للجزائر بهدف إشباع شذوذه الجنسي مع المراهقين وهنالك تقابل مع الكاتب الإيرلندي أوسكار وايد البالغ الشهرة في الشذوذ وكانا يتعاونان معنا في اصطياد المراهقين والعبث بهم. أما مدينة طنجة المغربية فكانت تحت الاحتلال الفرنسي وكر للفساد والشذوذ ولهذا جذبت كتاب بارزين بهدف ممارسة الرذيلة من الأطفال كما هو الحال مع أندرية جيد السابق الذكر وكذلك والشاعر الفرنسي جان جينية والعديد من الكتاب الأمريكان ذوي الشهرة الأدبية البارزة مثل تينيسي وليامز وترومان كابوتي وويليام بوروز.

وإذا كان المفكر العراقي علي الوردي سخر من توصيف الأدب العربي بالرفيع بمجرد اللطخة السوداء من جراء وجود شعراء المجون مثل أبي نواس وشلته المحدودة فماذا نقول عن الأدب الغربي الزاخر بكم هائل من الكتاب والشعراء والروائيين منحلي الأخلاق. وبما إن سيرة الشذوذ انفتحت فهذا الشاعر الفرنسي الأبرز أرثر رامبو بالإضافة لشهريته الطاغية لعشقه للشرق وتجواله في اليمن والحبشة إلا أنه اشتهر بمخازيه الجنسية حيث كان شاذ جنسيا لدرجة أنه دخل في علاقة آثمة مع الشاب الشاعر الفرنسي بول فيرلين (الملقب بأمير الشعراء) تطورت لدرجة أنه هجر زوجته وطفله الرضيع من أجل الإقامة مع رامبو. وتستمر علاقة الشرق بقصص الشذوذ الجنسي لمشاهير الكتاب الغربيين ونعرج على الرمز الأشهر للأدب المكشوف وهو الروائي الفرنسي الرمز جوستاف فولبير صاحب رواية (مدام بوفاري) الذائعة الصيت. عندما قام فولبير بزيارته الشهيرة إلى مصر في منتصف القرن التاسع عشر وفي أجواء العربدة التي كان يعيشها تجرأ أن يقول لرفيقه في السفر إنه لا ملامة على الشخص أن يعترف بشذوذه الجنسي وعندما جرب الجنس مع رفيقه ذلك كتب لاحقا يقول (لقد اعتبرنا أنه من واجبنا تجربة هذا النمط من القذف).

وهذا الروائي والكاتب الفرنسي البارز ألبرت كامو الحاصل على جائزة نوبل في الأدب لعام 1957م الذي ولد وتعلم وعاش بالجزائر نجده بعد أن انتقل للإقامة في مدينة باريس توجد شبه أنه أقام علاقة جنسية شائنة مع الروائي الأمريكي المعروف بشذوذه نورمان كابوتي. ومن المهازل والمخازي أن أوسكار وايد المشتهر عنه شذوذه الجنسي والذي دخل السجن بسبب علاقته بشاب يدعى اللورد ألفريد دوغلاس عندما خرج من السجن حاول زملائه تحسين سمعته بأن نظموا تغطية صحفية له وهو يزور ماخور دعارة لممارسة الجنس مع مومس كي يحاول يثبت للجهور أنه شخص مستقيم (كذا زعموا) وليس شاذ. الجدير بالذكر أن الشذوذ الجنسي له نماذج وشواهد في عالم الأدب الغربي حتى مع النساء الذين اشتهرن في مجال الكتابة والرواية. فهذه الروائية الإنجليزية البارزة فرجينيا وولف كانت هي الأخرى شاذة جنسيا حيث كانت على علاقة سحاق مع كاتبة تدعى فيتا ويست. وبالرغم أن كلا من فرجينيا وفيتا هي سيدة متزوجة ومع ذلك كانت تلك العلاقة الجنسية الشائنة بينهما تتم بمعرفة زوجيهما المتحررين فكريا وأخلاقيا.

بدأنا بالحديث عن كتاب (أسطورة الأدب الرفيع) للدكتور علي الوردي ولعلنا نعرج عليه مره أخيرة قبل الختام فقد اعترض الكاتب على محاولة الدكتور عبدالرازق محي الدين تعليل أن شيوع التغزل بالذكر في الشعر العباسي كما يلاحظ في بعض قصائد أبي نواس أنما مرده لشيوع النزعة العرفانية الصوفية التي تقتضي تذكير الضمير. بمعنى أن بعض القصائد الماجنة لأبي نواس لا يقصد منها (الكلام الحرفي) للتغزل بالشذوذ الجنسي، ولكن يقصد منها طريقة أدبية خاصة لوصف المشاعر. فحوى هذا الكلام في محاولة دفع تهمة الشذوذ الجنسي عن أبي نواس استخدمت بشكل أو آخر كمحاولة بائسة وفاشلة في دفع مسبة اتهام أشهر وأهم شاعر أمريكي وهو (والت ويتمان) بأنه كان له ميول جنسية شاذة. في الديوان الشعري ذائع الصيت لويتمان (أوراق العشب) بعض القصائد التي عن الحب الرجولي للرفاق وبالرغم من أن بعض نقاد الشعر الإنجليزي يرجحون أن هذه العبارات هي فقط توصيف مجازي. إلا أن السائد لدى الغالبية العظمى من النقاد بأنها مؤشر شبه مباشر عن طباع وتصورات والت ويتمان فيما يخص القبول بالعلاقة الجنسية بين الذكور بدليل أنه من الثابت أنه في حياته الشخصية كان له علاقة شاذة مع عدد من الرجال والأطفال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق