د/ أحمد بن حامد الغامدي
في مثل هذا اليوم الحادي عشر من شهر مايو لعام 1949م حصلت الخطيئة الكبرى للجمعية العمومية للأمم المتحدة وذلك عندما صدر القرار برقم 273 المتعلق بقبول طلب الكيان الصهيوني المحتل للحصول على عضوية الأمم المتحدة. والمهزلة تتمثل وتكمن في عدة فضائح متعلقة بمسوغات هذا القرار فحسب نص القرار تستند الجمعية العمومية في موافقتها على تقدير أن ما يسمى مجلس الأمن يرى أن دولة إسرائيل محبة للسلام وتلك فرية واضح كذبها لأن جيش العدو الإسرائيلي وخصوصا مليشيا الهاجاناة والإرجون نفذت قبل ذلك بسنة واحدة فقط أي في عام 1948م نفذت ما لا يقل عن عشرين مجزرة ومذبحة ضد المدنيين العزل من أهل فلسطين أشهرها مذبحة دير ياسين ومجزرة الطنطورة.
المهزلة الثانية التي رافقت قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة عند إقرار قبول عضوية إسرائيل أنه ورد في نص القرار وصف الكيان الغاصب بأنه (قادر على تحمل الالتزامات الواردة في الميثاق وراغبة في ذلك) بمعنى أن على إسرائيل (احترام) ميثاق الأمم المتحدة. والمهزلة التي شاهدها العالم كله مساء أمس أن مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة جلعاد إردان قام بالتعبير عن احترام بلادة لميثاق الأمم المتحدة وذلك من خلال تمزيق أوراق الميثاق الأممي أمام جميع وفود دول العالم في تصرف وقح وسافل سوف يخلده التاريخ كما خلد حماقة وسفالة الرئيس السوفيتي خورتشوف عندما ضرب بحذائه الطاولة في إحدى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
المهزلة الثالثة التي حدثت أثناء مسرحية قبول عضوية إسرائيل لأمم المتحدة أنه أثناء النقاش والحوار حول طلب العضوية كان المطلوب من الكيان الغاصب ليس فقط أن يحترم ميثاق الأمم المتحدة، ولكن أيضا أن يظهر قبوله بالالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة ومن ذلك قطعا القبول والإذعان للقرارات الصادرة من الأمم المتحدة. وفي جلسة المناقشة تلك سأل مندوب السلفادور في الأمم المتحدة مندوب إسرائيل أبا إيبان هل سوف تقوم إسرائيل بالتعاون مع الأمم المتحدة من أجل تفعيل قرار الجمعية العمومية رقم 181 (تدويل مدينة القدس) والقرار رقم 194 (إعادة اللاجئين الفلسطينيين). وقد كان رد المندوب الإسرائيلي في تلك الجلسة أبا إيبان (المشهور بعبارته الوقحة: العرب لا يفوتون فرصة في تفويت أي فرصة) فيما يتعلق بواجب إسرائيل عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة أنه تجاهل تماما الرد على السؤال الأول (الموافقة على تدويل القدس) في حين أنه في رده على السؤال الثاني عن حق عودة اللاجئين أعطى إجابة ضبابية غير ملزمة. وهذا يعني أنه من وقاحة الكيان الإسرائيلي أنه لم يجامل ولم يراوغ في إخفاء تصميمه منذ البداية على عدم احترام الميثاق وعدم الالتزام بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة.
أما المهزلة الرابعة التي صاحبت القبول لطلب عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة أنه كان من المفترض حسب قرار الأمم المتحدة المشؤوم الصادر عام 1947م والذي سأل عنه مندوب دولة السلفادور (قرار رقم 181) المشهور باسم (قرار تقسيم فلسطين) إلى دولتين دولة عربية ودولة عبرية يهودية لذا كان من المفروض عند النظر في طلب إسرائيل للحصول على العضوية أن يكون ذلك مرتبطا بالحتمية المنطقية أن تطرح كذلك مسألة قبول عضوية الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.
على كل حال كل هذه المهازل والفضائح التي صاحبت الموافقة على طلب عضوية إسرائيل للأمم المتحدة قبل 75 سنة تم (تصحيحها) جزئيا من خلال التعكير والتنكيد على الاحتفالات اليوم السبت 11 مايو في إسرائيل بمناسبة مرور (اليوبيل الماسي) بمرور 75 سنة على انضمام إسرائيل للأمم المتحدة والاعتراف بشرعيتها في الوجود من قبل المجتمع الدولي. فكما هو معلوم حصل مساء أمس الجمعة 10 مايو صدور قرار من الجمعية العمومية للأمم المتحدة يدعم طلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة. ربما لأن يوم السبت هو إجازة رسمية في الأمم المتحدة ولهذا كان من الأفضل مناقشة هذا الطلب اليوم الحادي عشر من مايو بدلا من يوم الجمعة العاشر من مايو ولو حصل ذلك لكانت تلك رسالة بالغة الأهمية والوضوح من قبل المجتمع الدولي لقادة الكيان الغاصب وهم يحتفلون باليوبيل الماسي للمهزلة التي حصلت في قاعة الجمعية العمومية في عام 1949 ميلادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق