د/ أحمد بن حامد الغامدي
في عام 64 ميلادي وفي آواخر زمن حكم
الإمبراطور الروماني الطاغية نيرون وقعت كارثة (حريق روما الكبير) وبعد خمسة أيام
من اشتعال النيران حصل دمار تام للعديد من احياء عاصمة الإمبراطورية الرومانية مما
أثمر سخط الشعب على السلطة الحاكمة وتسبب في ضعف نسيج المجتمع الروماني. ولهذا في
تاريخ الإمبراطورية الرومانية كان الإمبراطور نيرون هو آخر حاكم (قوي) في الفترة
التاريخية من تاريخ روما المسمى (عهد الزعامة) ومن جاء بعد نيرون من الأباطرة
كانوا على درجة واضحة من الضعف بحيث تلاشت هيبة الإمبراطورية الرومانية وإن كانت
لن تسقط بشكل نهائي إلا بعد ذلك بقرون.
حريق مدينة كبرى يتسبب في كارثة اجتماعية واقتصادية ونفسية هائلة للدول والشعوب مما يساهم في تعزيز حصول مرحلة انتقالية في الأنظمة الحاكمة. في كتابه (فلسفة الثورة) يعترف الزعيم المصري جمال عبدالناصر بتخطيطه مع بعض الضباط الأحرار بالقيام بسلسلة من التفجيرات في القاهرة عام 1952م ثم لاحقا وفي خطاب له في البرلمان المصري عام 1960م لمّح جمال عبد الناصر للحريق الكبير في مدينة القاهرة في عام 1952م وأنه بداية الثورة. ولهذا لا غرابة بعد ذلك الحدث الجلل في قاهرة المعز أن حصلت ثورة يونيو بعد فترة قصيرة من (حريق القاهرة الكبير) وهو الحدث الذي ساهم في سقوط عرش الخديوية وانتهاء فترة حكم أسرة محمد علي.
وقبل ذلك بقرون وبعد فترة قصيرة من انتهاء الحرب الأهلية البريطانية ورجوع الملك الإنجليزي تشارلز الثاني لسدة الحكم إلا أنه ومع وقوع كارثة (حريق لندن الكبير) عام 1666م بدأت مكانة الملكية والأسرة المالكة البريطانية في التصدع لدرجة أن أسرة (ستيورات) العريقة في الحكم والتي استمرت لأربعة قرون في السيطرة على الجزر البريطانية بشكل متواصل سرعان ما تهاوت بعد حكم تشارلز الثاني. ففي الواقع كان آخر ملك من سلالة تلك الأسرة هو الملك جيمس الثاني الأخ الأصغر للملك تشارلز الثاني وبعد ذلك بفترة قصيرة سوف ينتقل الحكم في بريطانيا من الأسر العريقة مثل أسرة ستيورات وأسرة تيودور إلى أسرة ملكية بريطانية ضعيفة تسمى (بيت هانوفر).
وهذه الأيام مع الحرائق المستمرة في الاشتعال في ثاني أكبر مدينة أمريكية وهي مدينة لوس أنجلس هل يمكن أن نقول إن وصول الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب سوف يشهد بعد (حريق لوس أنجلس الكبير) بداية النهاية للإمبراطورية الرومانية الجديدة المسماة (الولايات المتحدة الأمريكية). والعلم عند الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق