السبت، 4 أكتوبر 2025

( الغدر الصهيوني من تفجير فندق الملك داوود إلى تفجير الدوحة )

د/ أحمد بن حامد الغامدي

لقد كان صيف عام 1946م صيفا ساخنا جدا في الأراضي الفلسطينية وذلك في ظل حكم الانتداب البريطاني حيث قامت العصابات اليهودية الصهيونية مثل الهاجاناه والأرغون التابعة للوكالة اليهودية لأجل إسرائيل (الجهاز التنفيذي الإجرامي للحركة الصهيونية) بتنفيذ عدد من العمليات الإرهابية والتي شملت التفجيرات والاغتيالات.
وبعد أن تدخلت القوات العسكرية الإنجليزية لفرض الأمن ومصادرة الأسلحة من الصهاينة في عدد من المدن مثل القدس وتل أبيب وحيفا كانت ردة فعل عصابات الصهاينة المزيد من التصعيد لدرجة قيام عصابة الأرغون الصهيونية باختطاف ستة من الضباط الإنجليز.

وأثناء المفاوضات لمحاولة إطلاق سراح هؤلاء الضباط الإنجليزي حصلت الكارثة الأكبر والأخطر وذلك عندما قامت نفس تلك المنظمة الإرهابية الصهيونية (الأرغون) بالرد على حملة الاعتقالات الواسعة في صفوف اليهود الصهاينة في فلسطين بتوجه ضربة قاتلة وجريئة لسلطة الانتداب البريطانية. في يوم 22 يوليو من عام 1946م تعرض المقر الإداري الرئيس للسلطات البريطانية ومقر قيادة القوات المسلحة البريطانية في فلسطين لعملية تفجير ضخمة استهدفت هذه المقرات السيادية البريطانية الموجودة في الجزء الجنوبي من فندق الملك داوود في القدس. ولقد نتج عن هذه العملية الإرهابية المفاجأة والتصعيدية من قبل الصهاينة مصرع ومقتل 91 شخصا من جنسيات مختلفة كان من ضمنهم وكيل وزير حكومة الانتداب البريطاني بمعنى أن ثاني أكبر مسؤول بريطاني في فلسطين قتل من جراء تلك العملية الإرهابية.

الغريب في الأمر أن ذلك التصعيد المبالغ فيه والاستفزاز الصهيوني الوقح جاء في وقت متزامن تقريبا مع فترة المفاوضات الأخيرة بين الحكومة البريطانية والحكومة الأمريكية لفتح المجال لمزيد من الهجرة اليهودية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا يعكس العنجهية والعنف والصلف الإسرائيلي والصهيوني الذي قد لا يتردد في التهور في تنفيذ إجراءات عسكرية أو سياسية خطيرة قد تؤثر على مصالحه في المدى القريب.
وكذلك ذلك الحادث الإرهابي الدنيء يعطي دليل فاضح وواضح أن صهاينة اليهود المتطرفين مهما قدمت الدول والمنظمات لهم من مساعدة أو مناصرة ودعم فإنهم لا يؤمن غدرهم ومكرهم. فهذه الحكومة البريطانية من خلال وعد بلفور في عام 1917م وحتى قبل احتلال أرض فلسطين تحاول مساعدة الصهاينة في اختلاق وطن قومي لهم ومع ذلك كان رد الجميل قيام الصهاينة بأكبر هجوم دموي في تاريخ الانتداب البريطاني في فلسطين والذي استمر لحولي ثلاثين سنة.
وفي ضوء ما سبق يبدو أن العملية الإجرامية التي نفذها الصهاينة يوم أمس في العاصمة القطرية الدوحة أم غير مستغرب تماما فهذا الكيان الغاصب ظهر للوجود ونشأ في أجواء الإرهاب والغدر وما زالت مسيرته متواصلة ومتصاعدة في هذا النهج الإجرامي الأسود.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق