د/ أحمد بن حامد الغامدي
في صباح يوم الإثنين 16 يوليو من عام 1945م تمت أول (تجربة)
علمية/عسكرية لتفجير القنبلة الذرية مُطلقة بذلك عصر السلاح الذري وكذلك بداية
تاريخ التجارب النووية. ولما لهذا التاريخ من أهمية بارزة في مسيرة التاريخ البشري
كنت أتوقع أن يختار هذا التوقيت ليصبح موعد ملائم أكثر لتدشين الفيلم السينمائي (أوبنهايمر)
والذي هو أشبه بسيرة ذاتية مصورة لأبي القنبلة الذرية عالم الفيزياء الأمريكي
روبرت أوبنهايمر. لا أعلم ما هي مسوغات بداية عرض هذا الفيلم في يوم 21 يوليو بدلا
من 16 يوليو الأكثر وجاهة وملائمة، ولكن الذي أعلمه أن هذا الفيلم الهوليوودي أثار
ضجة كبرى لعدة أسابيع تزايدت بحدة في يومي 6 أغسطس و9 أغسطس وهي الأيام التي
تتوافق مع تاريخ إسقاط القنابل الذرية على المدن اليابانية كما هو معلوم ولهذا لا
عجب أن نعلم أن اليابان منعت عرض فيلم أوبنهايمر على أراضيها. ويبقى مع ذلك انتظار
ردود الفعل عن هذا الفيلم عندما يحل يوم الثلاثاء القادم 29 أغسطس وهو (اليوم
العالمي لمناهضة التجارب النووية) وهل سوف تستخدم الدراما الاحترافية التي قدمها
ذلك الفيلم كوسيلة مساندة إضافية لحشد المزيد من المؤيدين لضرورة تحجيم ذلك السلاح
الرهيب والمخيف والذي وصفه أوبنهايمر نفسه بأنه (مدمر العالم).
بالجملة تدور أحداث فيلم (أوبنهايمر) حول محورين أساسيين
أولهما ذكر سردية جدارة أوبنهايمر بلقب (أبو القنبلة الذرية) ودوره المحوري في
تطوير السلاح النووي. أما المحور الثاني المتوازي والمتقاطع بأسلوب الفلاش باك
(استرجاع الذاكرة) مع المحور الأول، فيتخلص بما يمكن تسميته بمرحلة (أوبنهايمر وما
بعد القنبلة الذرية) وكيف أن ذلك العالم البارز ندم على مشاركته في تصنيع القنبلة ومدى
المأساة التي تعرض لها جراء المضايقات العلمية والأمنية له بل وحتى مثوله لنوع من المحاكمة
والاتهام بالخيانة.
الجدير بالذكر أن عالم الفيزياء روبرت أوبنهايمر كان مديرا لمختبر
لوس ألاموس في مشروع مانهاتن الشهير لتصنيع القنبلة الذرية وهذا يعني أنه كان تحت إدارته
حرفيا المئات من ألمع وأذكى وأشهر رجال (بل وحتى نساء) العلم من جميع التخصصات التقنية
والبحثية. ولهذا في واقع الأمر كانت (شلة أوبنهايمر) وزملائه في ذلك المشروع
العسكري هم عدد كبير من العلماء البعض منهم يستحق بجدارة أن يحظوا بلقب (آباء
القنبلة الذرية). في حين أن البعض منهم سوف يساهم لاحقا في الحملات والجهود المناهضة
لتطوير وتصنيع المزيد من القنابل والسلاح النووي وبهذا تحولوا من صناع الدمار الشامل
إلى صناع السلام الدائم ولهذا لا عجب أن نعلم أن بعضهم بالفعل قد نال جائزة نوبل
للسلام. ومن هنا نفهم عنوان المقال وإنه يدور حول استقراء واستعراض مواقف العديد
من مشاهير العلماء من (شلة أوبنهايمر) الذي شاركوه ابتداءً في مبغى الحرب أو
ناصروه لاحقا في مسعى السلم.
كتيبة سلاح الدمار الشامل
لمن هو على إطلاع على تاريخ تطور علم الفيزياء الحديثة
وأتيحت له الفرصة لمشاهدة فيلم (أوبنهايمر) لا شك أنه لاحظ كثرة ورود وذكر أسماء
مشاهير علماء القرن العشرين في مشاهد وسيناريو ذلك الفيلم الشبيه بالأفلام
الوثائقية. بلا شك كان برنامج أبولو للهبوط على القمر لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا
أكبر مشروعا علميا في تاريخ البشرية حيث شارك فيه ما يقارب 400 ألف شخص. وبالرغم
من أن عدد العلماء والمهندسين في مشروع غزو الفضاء هذا كان بالآلاف إلا أن أغلبهم كان
من الشباب صغار السن ونادر ما اشترك مشاهير العلماء في هذا البرنامج. في المقابل
كان الحال مختلفا تماما مع مشروع مانهاتن لتصنيع القنبلة الذرية وهو تقريبا ثاني
أكبر برنامج علمي في تاريخ العلوم وأكثر ما يميزه هو اشتراك عدد كبير من رواد العلم
في مجالي الفيزياء والكيمياء والعديد من حملة جوائز نوبل لكي يساهموا في المجهود
الحربي لتصنيع أم القنابل.
قبل سنوات طويلة مر على أثناء قراءتي لكتاب (البواتق Crucibles قصة الكيمياء) للكاتب الأمريكي برنارد جيف أن عدد العلماء من حملة جوائز نوبل الذين شاركوا في مشروع مانهاتن يبلغ 15 عالما وهو عدد ضخم أثار اهتمامي بشكل كبير. ومع استمرار قارئاتي في كتب تاريخ العلوم أو عن مشاهير العلماء بدأت انتبه إلى أن عدد العلماء الحاصلين على جائزة نوبل والذين اشتركوا بشكل أو آخر في تصنيع القنبلة الذرية أكثر بكثير من خمسة عسر رجلا ولذا أنشأت ملف خاص لتوثيق ما يمر على من هذا النوع من المعلومات. في الواقع عدد أفراد (شلة أوبنهايمر) وكتيبة العلماء الذين تعاون معه في جريمة تصنيع سلاح الدمار الشامل يقارب 25 عالم ممن حصلوا على جوائز نوبل وبحكم أن مساحة هذا المقال لا تسمح لاستعراض طبيعة مساهمتهم في هذا الشأن فسوف أكتفي فقط بتسجيل أسمائهم كنوع من التوثيق وشهادة للتاريخ. وطبعا نوع المشاركة والمساهمة من قبل هؤلاء العلماء في تصنيع القنبلة متفاوت فبعضهم كان له دور حاسم مثل عالم الفيزياء الأمريكي ذي الأصول الإيطالية أنريكو فيرمي وعالم الفيزياء الأمريكي إرنست لورنس وبالمناسبة كلا من فيرمي ولورنس أطلقت اسماؤهما على اثنين من العناصر الكيميائية للجدول الدوري كنوع من التكريم والاعتراف بدورهم في تقدم العلوم. في حين أن مساهمة عمالقة علم الفيزياء من مثل ألبريت أينشتاين وعالم الفيزياء الدنماركي نيلز بوهر كانت رمزية وشرفية أكثر من المساهمة الفعلية المنخرطة في ذلك المستنقع ولهذا لا غرابة أن نجد هذين الإثنين بالذات سوف يصبحان من أكثر المناصرين لحملة الاستخدام السلمي للذرات. البقية من شلة أوبنهايمر الذين اشتركوا في تصنيع القنبلة وحصلوا على جائزة نوبل في الفيزياء هم: ريتشارد فينمان وروبرت ميليكان وأرثر كمبتون وهانس بيته وكارل أندرسون وكلنتون دافيسون وباتريك بلاكيت وأتو شتيرن وأيزيدور رابي وروبرت باشر وإميليو سيغري وآجي نيلز بور ولويس ألفاريز.
سبق في مقالات سالفة أن بيّنت لماذا سميت الحرب العالمية
الأولى بحرب الكيميائيين في حين أطلق على الحرب العالمية الثانية لقب (حرب الفيزيائيين)
وأن السبب في التسمية الثانية راجع بالدرجة أساسية لجهود علماء الفيزياء في تصنيع
القنبلة الذرية. ومع ذلك لم يكن للفيزيائيين الوصول لتحقيق تصنيع القنبلة النووية
لو لا مساهمة الكيميائيين في فصل وتخصيب العناصر والنظائر المشعة باستخدام تقنيات
كيميائية مطورة. ولهذا من الملائم أن نعلن أنه ليس فقط اشترك المئات من علم الكيمياء
في مشروع مانهاتن لتصنيع القنبلة الذرية، ولكن يجدر أن نعلم أن بعض علماء الكيمياء
هؤلاء هم أيضا ممن حصل على جائزة نوبل في الكيمياء من مثل: إرفينغ لانجمير وموريس
ويلكنز وهارولد يوري وجلين سيبورج وهربرت براون ويلارد ليبي وملفين كالفين وجيورم
كارل.
أيه القارئ الكريم لو قمنا بحاسب وعدّ أسماء العلماء الوارد ذكرهم
في الأعلى لوجدنا أن عددهم يبلغ 25 عالما من حملة نوبل ممن ساهم في تصنيع القنبلة
الذكرية ويمكن زيادة هذا العدد إذا أخذنا في عين الاعتبار أن (كتيبة العلماء)
الذين ساهموا في تصنيع سلاح الدمار الشامل لا تقف عند من شارك في تصنيع القنبلة لدول
الحلفاء (أمريكا وبريطانيا وحلفائهما) ولكن يجب أن تشمل كذلك من ساهم من العلماء
في الضفة الثانية من ساحة القتال. ينبغي ألا ننسى أن الدافع أصلا لقبول بعض هؤلاء
العلماء في تصنيع القنبلة هو خوفهم من حصول هتلر أولاً على القنبلة الذرية ولهذا
نجد كذلك أن كوكبة من مشاهير علماء الفيزياء الألمان ساهموا هم بدورهم في محاولة امتلاك
الجيش الألماني النازي للقنبلة الذرية. وعليه نذكر من علماء الفيزياء والكيمياء الألمان
الذين حصلوا على جائزة نوبل وساهموا في المحاولة الفاشلة لتصنيع القنبلة الذرية
النازية أن منهم: عالم الفيزياء فيرنر هايزنبيرغ (صاحب مبدأ عدم اليقين) وفولفغانغ
باولي (صاحب مبدأ باولي للاستبعاد) وفالتر بوته وعالم الكيمياء أوتو هان.
بالمناسبة وللتدليل على الترابط بين الفيزياء والكيمياء في
مجال (الانشطار النووي) الذي هو أساس تصنيع قنبلة الذرية تجدر الإشارة إلى ان من
قام بعملية (انشطار الذرة) هم علماء الكيمياء وليس علماء الفيزياء !!. وفي الواقع
عالم الكيمياء الألماني أوتو هان السالف الذكر حصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام
1944م لاكتشافه ظاهرة الانشطار النووي علما بأن الفضل الأكبر في ذلك راجع في
الحقيقة لعالمة الكيمياء الألمانية ليز مايتنر الملقبة بجداة بلقب (أم القنبلة
الذرية). ومع ذلك في أرض الواقع حرمت السيدة ليز مايتنر بسبب أنها امرأة وبسبب
أنها يهودية الديانة من أمرين هما المشاركة في الحصول على جائزة نوبل مع تلميذها
أوتو هان وكذلك لم تستقطب للعمل في تصنيع القنبلة الذرية الأمريكية أو حتى القنبلة
الذرية النازية. بقي أن نقول إنه وإن كان (آباء القنبلة الذرية) هم كثر فقد وصلنا
في العدد حتى الآن إلى (29) رجلا ممن حصلوا على جوائز نوبل فإن السيدة التي تستحق
بصدق لقب (أم القنبلة الذرية) هي عالمة الفيزياء الأمريكية ماريا مايرز والتي خلدها
التاريخ بمشاركتها في مشروع مانهاتن وكذلك كونها ثاني امرأة تحصل على جائزة نوبل في
الفيزياء بعد السيدة ماري كوري وأيضا لكون أبحاثها العلمية الرائدة ساهمت بالفعل
في تشطير وتشريح الذرة حيث كانت هي من أكتشف وجود أغلفة نووية داخل الذرة.
وبعد أن استعرضنا شلة أوبنهايمر من علماء الحلفاء أو الأعداء
على حدٍ سواء الذين انخرطوا في محاولة تصنيع القنبلة الذرية نحتاج أن ننتقل الآن
إلى الشق الثاني من دراما فيلم (أوبنهايمر) وكيف تحول قائد كتيبة علماء نوبل
الدكتور روبرت أوبنهايمر من بطل قومي للأمريكان إلى شخصية مشتبه فيها تقدم
للمحاكمة وتتهم بالخيانة. وكما لاحظنا أن (آباء القنبلة الذرية وأمهاتها) كثر فكذلك
كوكبة العلماء من حملة جائزة نوبل الذين عارضوا لاحقا القنابل النووية وسعوا إلى
الحد من تطويرها وانتشارها، فكذلك عدد هؤلاء العلماء من شلة أوبنهايمر من مؤيدي
تيار السلم عددهم وافر ومجهودهم زاخر.
ولنبدأ بكبيرهم الذي علمهم السحر فهذا أوبنهايمر الذي قال عن
نفسه لحظة مشاهدته بريق انفجار أول اختبار للقنبلة الذرية فجر يوم الإثنين من 16
يوليو 1945م بأنه (الآن أصبحت أنا الموت مدمر العوالم Now I am death, the
destroyer of Worlds). بعد شهرين من إسقاط القنابل الذرية على
المدن اليابانية طلب أوبنهايمر مقابلة الرئيس الأمريكي هاري ترومان وعند تلك
المقابلة الشهيرة في غرفة المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض أخبر أوبنهايمر الرئيس
ترومان بشعوره بالذنب لهذه الجريمة وقال له إنه يشعر بأن يديه ملطخة بالدم. طبعا
استشاط الرئيس الأمريكي غضبا من هذا الاتهام وقال لوزير خارجيته إنه لا يريد أن
يرى ذلك العالم والطفل البكّاء في مكتبه مرة أخرى.
بالمناسبة في نهاية قصة القنبلة الذرية نجد أن عالم الفيزياء
أوبنهايمر قابل الرئيس الأمريكي ترومان في نهاية عام 1945م لمحاولة صده عن تطوير
القنابل الذرية الأكثر دمارا مثل القنبلة الهيدروجينية الحرارية. بينما في بداية
قصة القنبلة الذرية نجد أن عالم الفيزياء الأشهر أينشتاين يكتب رسالة ذائعة الصيت
في تاريخ الثاني من أغسطس (شهر القنبلة الذرية بامتياز) من عام 1939م ويوجهها إلى
الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت يحثه فيها على ضرورة البدء في تصنيع القنبلة
الذرية. وكما ندم أوبنهايمر على مشاركته في تلك الجريمة التي تلطخت بها يداه بالدم
يقال إن أينشتاين علّق بعد سماعة بأخبار إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما (لو
كنت أعلم أنهم كانوا سيعملون هذا لكنت عملت صانع أحذية).
وبما أن سيرة رؤساء أمريكا وقصصهم مع العلماء والقنابل
الذرية انفتحت فلا بأس من أن نذكر القصة الطريفة التي حصلت مع عالم الكيمياء
الأمريكي لينوس باولنغ الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1954م وكذلك على
جائزة نوبل في السلام عام 1962م وذلك نظير حملته الشرسة لعدة سنوات ضد التجارب تطوير
القنابل النووية علما بأن أوبنهايمر عرض في البداية على باولنغ أن يتولى مهام مدير
قسم الكيمياء في مشروع مانهاتن لكنه رفض. على كل حال في عام 1962م ونتيجة للصراع مع
الاتحاد السوفيتي قرر الرئيس الأمريكي جون كينيدي إعادة تنشيط برنامج إجراء التجارب
النووية وعندها أرسل له باولنغ برقية استنكار شديدة اللهجة. وبعد هذه الحادثة
بفترة قام الرئيس كينيدي على عادة الرؤساء الأمريكان بدعوة جميع العلماء الأمريكان
الذين حصلوا على جائزة نوبل لحضور حفلة تكريم في البيت الأبيض. وبحكم أن لوينس
باولنغ كان هو وزوجته من ضمن المدعوين فقد استغل الفرصة وقام أولاً قبل دخوله إلى
البيت الأبيض بالمشاركة في مظاهرة احتجاجية أمام البيت الأبيض ضد سباق التسلح النووي
ثم غادر المتظاهرين ودخل إلى الحفلة لكي يقوم في تلك الأمسية بالرقص مع زوجة الرئيس
الأمريكي الحسناء جاكلين!!.
وفي الختام وبعد هذا التطواف لعنا نختم بشكل سريع باستعراض أسماء أشهر العلماء من الحاصلين على جائزة نوبل (من شلة أوبنهايمر الذين عملوا معه في مشروع مانهاتن) ومن غيرهم ممن عارضوا المزيد من التجارب على السلاح الذري. فمنهم عالم الفيزياء الدنماركي البارز نيلز بوهر والذي كان يرغب فقط في استخدام القنبلة النووية كسلاح ردع ولذا عارض كثيرا مع علماء آخرين الإسقاط الحقيقي للقنبلة على المدن. وقد سبق له أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية أن تقابل مع عالم الفيزياء الألماني هايزنبيرغ مدير مشروع تصنيع القنبلة النازية وحاول إقناعه بالعدول عن مساعدة هتلر في الحرب ولاحقا وكاستمرار لنهجه وأفكاره السلمية قام نيلز بور بكتابة خطاب مفتوح شهير موجه للأمم المتحدة يدعو فيه لنشر أفكار السلام وكبح جماح سباق التسلح النووي. وهذا ما أثمر في النهاية تعاونه مع أينشتاين وغيره من مشاهير العلماء في تنظيم سلسلة من مؤتمرات الذرات من أجل السلام وبالمناسبة فاز العالم الأمريكي إدوين ماكميلان الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1951م فاز كذلك بجائزة الذرة من أجل السلام لعام 1963م مناصفة مع أحد العلماء الروس. وتعزيزا لفكرة نيلز بور في عدم استخدام القنبلة الذرية على المدن الآهلة بالسكان تجدر الإشارة إلى أن عالم الكيمياء الأمريكي سابق الذكر جلين سيبورج وهو من شلة أوبنهايمر كان أحد العلماء السبعة الذين وقعوا رسالة موجهة للرئيس الأمريكي ترومان يستحثونه على تجربة القنبلة الذرية على جزيرة نائية بدلا من إسقاطها على المدن اليابانية.
في الواقع لقد خدع العديد من عباقرة العلم عندما ظنوا أنهم
يساهمون في تصنيع سلاح ردع ودرء وإذا به يتحول لسلاح لفرض النفوذ وتخويف الحلفاء
(مثل الاتحاد السوفيتي) قبل تركيع الأعداء من مثل الإمبراطورية اليابانية. ومن
العلماء الذين ندموا على مشاركتهم في جريمة تصنيع سلاح الدمار الشامل يقال إن عالم
الفيزياء البريطاني جيمس تشادويك مكتشف النيترون والحاصل على جائزة نوبل ورئيس
فريق المشروع البريطاني في تصنيع القنبلة يذكر عن نفسه أنه بعد إسقاط القنبلة
المشؤومة على رؤوس الأبرياء المدنيين أصبح يعتمد طوال حيته على استخدام الحبوب
المنومة. وهذا نجم علم الفيزياء في نهاية القرن العشرين ريتشارد فينمان والحاصل
على جائزة نوبل والمشارك في مشروع مانهاتن يقول عن نفسه هو الآخر بأنه بعد إلقاء
القنبلة الذرية على اليابان فقد الإحساس بمتعة تعليم الفيزياء لطلبة الجامعة.
وقبل أن نغادر نذكر بشكل خاطف بعض أسماء بقية العلماء من شلة
أوبنهايمر الذين ناضلوا لاحقا لحظر التجارب النووية والحد من سباق التسلح الذري ومنهم
علماء الفيزياء هانس بيته وباتريك بلاكيت وأنريكو فيرمي وعالم الكيمياء موريس
ويلكنز. بينما سوف نجد كوكبة من علماء الكيمياء الحاصلين على جائزة نوبل وبالرغم
أنهم لم يشاركوا أصلا في تصنيع القنبلة ولم يعانوا تأنيب الضمير إلا أنهم استغلوا
نفوذهم وشهرتهم في المجتمع في دعم الحركات السلمية المضادة للتسلح النووي ونذكر
منهم الإنجليزي فريدريك سانجر والفرنسي فريدريك جوليو كوري والكندي جون بولانيي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق