د/ أحمد بن حامد الغامدي
قبل ذلك بالطبع كان يمكن مشاهدة (لحظة)
التتويج ليس من خلال البث التلفزيوني أو الإذاعة، ولكن بواسطة (الصور الفوتوغرافية)
المنشورة على صفحات الجرائد وتقريبا أقدم صورة فوتوغرافية ملتقطة في هذا الشأن كانت
من حفل تتويج الملك الإنجليزي جورج الخامس وذلك في صيف عام 1911ميلادي. وهذا التسلسل
يقودنا ولا شك أنه لكن نعرف أحداث ومشاهد عملية التتويج للملوك الأباطرة القدماء
لن نتمكن من ذلك إلا من خلال (اللوحات الفنية) التي كانت ترسم خصيصا لهذه المناسبات.
فمثلا أحد أكبر وأجمل اللوحات الفنية
الموجودة في متحف اللوفر في باريس هي في الواقع لوحة (تتويج نابليون) والتي رسمت
عام 1807م وكانت توثق (لحظة) تتويج الإمبراطور الأول نابليون بونابارت مع زوجته
الإمبراطورة جوزفين. الطريف في الأمر أنه كما حصل يوم أمس من كثافة المظاهر الدينية
في عملية تتويج الملك تشارلز الثالث من ناحية وقوع الحفل داخل كنيسة ويستمنستر
وقيام زعيم الكنيسة الإنجليزية (أسقف كانتربري) بتتويج الملك، نجد أنه ومع تتويج
الإمبراطور نابليون في كنيسة نوتردام وبحضور البابا بيوس السابع إلا أن نابليون رفض
أن يتوجه أحد إلا هو نفسه. فالإمبراطور المغرور نابليون هو من وضع التاج على رأسه
بنفسه ولاحقا وضع التاج على رأس زوجته كما يتبين من تفاصيل تلك اللوحة الشهيرة
والتي أرفق تصوير (مهزوز) لها صورته أنا من متحف اللوفر. بالمناسبة في حفل تتويج
الملكة إليزابيث الثانية حضر الملك فهد (الأمير في وقتها) حفل التتويج ويوم أمس
حضر كل من ملك البحرين والأردن وأمير قطر مراسم حفل تتويج الملك تشارلز الثالث بينما
في لوحة تتويج الإمبراطور نابليون سالفة الذكر نجد من ضمن الشخصيات المرسومة في اللوحة
السفير العثماني محمد سعيد أفندي المبعوث من قبل السلطان محمد الثاني.
وعلى ذكر سلاطين الدولة العثمانية ربما نجد
أن أحد أقدم اللوحات الفنية التي توثق لعملية تتويج واعتلاء العرش لأي من الخلفاء
والسلاطين العرب والمسلمين هي تلك اللوحة القماشية التي تخلد (لحظة) تتويج السلطان
سليم الأول والتي حصلت في يوم الثامن من شهر صفر لعام 918 هـ وهي من إنتاج الرسام
العثماني سيد لقمان ومنشورة في كتاب الملوك.
طبعا أي أعمال فنية ولوحات يدوية مرسومة على
القماش أو حتى منقوشة على الخشب وتوثق للحظات تتويج الملوك والأباطرة القدامى في
التاريخ العتيق سوف تتلاشى مع الزمن إلا إذا كانت منقوشة على حجر الصوان. ولهذا لا
غرابة أن نجد إحدى أقدم لحظات توثيق عملية تتويج الملوك في التاريخ البشري تلك
المتعلقة بملوك الفراعنة. ومن أمثلتها (لحظة) تتويج الفرعون المصري بطليموس الثامن
والذي نجده يحمل على رأسه تاجين وليس تاجاً واحدا حيث إن أحد هذه التيجان قامت بوضعه
على رأسه ربة مصر السفلى بينما التاج الثاني وضعته ربة مصر العليا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق