د/ أحمد بن حامد الغامدي
قبل أيام تناقلت وسائل الإعلام العربية بشكل كثيف الحادثة المعبرة عن سماحة الإسلام وأهل والمتعلقة بموقف الإمام الجزائري الشيخ وليد مهساس (الملقب بأبي هريرة الزمن المعاصر) مع تلط القطة العجيبة التي قفزت عليه أثناء صلاة التراويح. الجدير بالذكر أن القنوات الفضائية الغربية الكبرى مثل السي إن إن وقناة البي بي سي وكالة رويترز للأنباء وغيرها من وسائل الإعلام الغربية الكبرى تناقلت وبشكل كثيف تلك القصة وفي الغالب تم استعراض الخبر في صيغة من الإعجاب والثناء على موقف الإمام. في الواقع تذكرنا قطة الشيخ الجزائري بحادثة غريبة لها انتشارا وذيوعا في الحضارة المسيحية الأوروبية أكثر من حضارتنا العربية ويستدل بتلك الحادثة على سماحة الإسلام وخصوصا على نبل أخلاق نبي المرحمة الرسول صلى الله عليه وسلم.
بشكل غريب تنتشر في الغرب منذ عقود طويلة أن رسولنا الكريم كان له قطة يحبها بشكل كبير ويذكرون له معها عدد من القصص والأخبار ومن ذلك مثلا أن تلك الهرة التي يزعمون أن اسمها (معزة Meuzza) كانت نائمة يوما ما على طرف رداء الرسول وعندما أذن المؤذن وأراد الرسول أن يقوم للصلاة لم يرد أن يزعج تلك الهرة المحبوبة ويسحب ثوبه من تحتها. ولذا تزعم القصة أن رسول المرحمة أخذ مقصا وقام بقطع قماش ردائه وعباءته من حول القطة لكيلا يزعجها. وفي مقطع من رواية (عولييس) للأديب الإيرلندي البارز جيمس جويس نجد هذا المقطع من ذلك العمل الأدبي عندما يقول السيد بلوم Bloom بطل القصة (ليس من الشفقة أن تزعج الهرة، قد مزق محمد نبي المسلمين شقاً من عباءته حرصاً على نوم الهرة وراحتها). وفي بعض الأخبار المنتشرة في الغرب قديما عن تلك القطة المزعومة والمنسوبة للرسول الكريم أنها أحيانا كانت تنام في حجر النبي وهو جالس وربما كان يخطب أو يحدث أصحابه وهي نائمه على فخذه. ويقولون إنه في أحد الأيام عندما رجع الرسول من المسجد قابل تلك القطة فقامت بتقويس ظهرها كنوع من التحية له وهنا تزعم الأسطورة الغربية أن رسول الله ضرب بيده بلطف ثلاث مرات على ظهر تلك القطة ومن تلك اللحظة أصبحت القطط تمتلك المرونة والمهارة في حال وقعت من ارتفاع عال أن تسقط على أرجلها بدل أن تقع على ظهرها.
الجدير بالذكر أنه في كتاب (مئة قطة غيرت الحضارة
البشرية) للكاتب الأمريكي سام ستال عندما عرض هذه الأخبار عن الهرة المزعومة لنبي
الإسلام قارن بين موقف الإسلام من القطط والحيوانات وبين موقف المسيحية التي كانت
تنظر لحيوان القطة بارتياب ولذا انتشر لدى الشعوب المسيحية أن الهرة كائن قد يتسبب
في الشر فهو قد يتسبب في مقتل الأطفال الرضع عن طريق سرقة أنفاسهم كما أنها قد
تكون تابع وخادم الشيطان. وطبعا تشتهر الأفكار الغريبة لديهم أن القطة قد تجلب
الشؤم أو أن القطة السوداء تكون ملازمة للسحرة وأهل الشر.
ونختم بالذكر أنه بالرغم من أن القصة غلبا
غير صحيحة وهي قصة مجهولة تماما في الثقافة الإسلامية إلا أننا من جانب آخر نستشف أنه
بالرغم من حملة التشويه والتشنيع الحاقدة للنبي الكريم في غالب التاريخ الأوروبي
إلا أنه تسرب لهذه الحضارة أمثال هذه الأخبار والقصص التي تدل على سمو أخلاق نبي
الإسلام وصحة دينه وشريعته. والجدير بالذكر أن قصة الهرة النائمة على بردة النبي
تم ذكرها في كتاب تاريخي رصين للكاتبة البريطانية المشهورة كارين أرمسترونج خصصته لذكر
سيرة الرسول الكريم وكيف أنه (يتميز بأقصى درجات الشفقة ورقة المشاعر) مما يشير لدرجة
شيوع انتشار هذه القصة في الثقافة الغربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق