الخميس، 22 سبتمبر 2016

( التطهير بالألم ... إطلالة على شعور منحرف )


طقوس التطبير الدموية لوث جنونها مختلف الاديان
 
د/ احمد بن حامد الغامدي

بدل من أن يقتدي بنا اليهود والنصارى وفق القضاء الرباني (الناس لنا تبع) كما ورد في الحديث الشريف أصبحت شرائح من المجتمع الاسلامي تحتذي بمن ضل من أهل الكتاب في يوم سعدها وفي يوم بؤسها. يوم أمس الجمعة واليوم السبت وللنصارى ما يسمى (جمعة الالام) أو الجمعة العظيمة Good Friday والتي يحتفلون فيها بشعائر وطقوس ملئها الجزع والحزن لتذكر مصيبة تعذيب وقتل المسيح على خشبة الصليب  واليوم يوم السبت وفي العديد من المناطق الشيعية من العالم يمكن تسمية اليوم بالسبت الدامي  The Bloody Saturday  وفيه أيضا سوف يحتذي ويقتدي حذو القذة بالقذة فئام من الشيعة بعادات وطقوس فئام من النصارى فيما يسمى (الاحتفالات والمسيرات الدموية) بهدف تطهير النفس من ذنب الخذلان السياسي والجبن عن الدفاع والحماية لشخصية دينية معظمة.

كما هو معلوم في يوم عاشوراء تنتشر مظاهر ما تسمى (الشعائر الحسينية) والتي من أشنعها (بدعة) التطبير والتي تتمثل في تعذيب النفس وإظهار الجزع الشديد على مقتل الامام الشهيد الحسين بن علي وتعتمد هذه الطقوس العنيفة على تعمد (تطبير أو إدماء) الجسم عن طريق جرح الراس بالسيوف أو السكاكين وتشريط الظهر بالسياط أو السلاسل الحديدية وتتمثل المأساة في قمته عندما  يتم أيقاع هذا العذاب بالأطفال الصغار بل وحتى الرضع وكما تشير العديد من مصادر المذهب الشيعي نفسه فإن (طقوس التطبير) هي طقوس بدعية (مستوردة) زمن الصفويين من نصارى أرثودوكس بلاد القفقاس الذين كانوا يقومون بتعذيب أنفسهم فداءً للسيد المسيح بينما الشيعة الأوائل لم يكن تتعدى حالة الجزع لديهم (طقوس اللطم والنواح).

وحتى اليوم وفي العديد من المجتمعات المسيحية من الفيلبين شرقا وحتى البرازيل غربا تنتشر ظاهرة طقوس تعذيب وإهانة الجسد (corporal mortification) والتي تعتبر عندها طقوس التطبير الشيعية تافهة ولطيفة وكأنها تدليك ومساج للجسد. المبدأ الاساسي لفكرة تعذيب الجسد تقوم على محاولة التوبة والطهارة من الذنوب والوصول لحالة القدسية من خلال طقوس اخضاع الجسد بوسائل متنوعة في الشدة من مجرد الصوم والمشي حافيا وحتى أبشعها مثل جلد الجسم بالسياط وادخال السكاكين والاسياخ في الوجه ولحم الجسم وحتى تعذيب الجسم على الصليب بغرز المسامير في الايدي والاقدام والصور الموجودة على شبكة الانترنت وافلام اليوتيوب لما يقوم به مجانين المسيحين من هذا الانحراف الديني والانساني أمر تشيب له الولدان على كل حال ما كان يهمني في الواقع أن أقع على توصيف أو تصوير أدبي لما يشعر به هؤلاء المعذبون في الارض وما يدفعهم لاستباق العذاب الدنيوي قبل العذاب الاخروي رحمنا الله برحمته. ولتحقيق الاطلالة أو فتح نافذة على مثل هذه الشعور المنحرف اتجهت كالعادة إلى الاعمال الادبية والروائية فأنا أومن تماما أن لقاعدة (الصورة أقوى من ألف كلمة) شذوذ وأنه أحيانا لا يكفى أن تشاهد المنظر فقط ولكن تحتاج بالإضافة لذلك أن تحاول سبر مجاهيل النفس البشرية ودوافعها لمثل هذه المواقف العجيبة والمستنكرة.

الروايات الادبية التي تدور أحداثها الرئيسية عن حياة الرهبنة والقسس والكهان متعددة ومتنوعة ولأسماء ادبية مشهورة جدا مثل رواية أحدب نوتردام للكاتب الفرنسي المشهور فكتور هوغو وحكايات كانتربري للأديب الانجليزي جيفري تشوسر ورواية فاوست للأديب الالماني البارز جوته بل حتى رواية  الاخوة كارامازوف الذائعة الصيت للروائي الروسي البارز دوستويفسكي كان الابن الاصغر إلكسي المتدين دور بارز في مسار أحداثها.   أما أبرز واشهر الروايات الادبية التي تدور أحداثها داخل الاديرة monastery وخفايا حياة الرهبان والقساوسة فيها فمن أشهرها واحدثها في الغرب رواية (اسم الوردة) للكاتب الايطالي أومبيرتو إكو بينما في عالمنا العربي لعل اشهر واجمل قصة عن حياة الرهبان والاديرة الكنسية هي رواية (عزازيل) للأديب المصري المعاصر يوسف زيدان.

على كل حال هذه روايات أدبية وفنية راقية وممتعة تتحدث عن الجانب السليم والطبيعي نسبيا عن حياة الرهبان ورجال الدين الكهنوتي المسيحي ولكن للاطلاع الادبي عن الجانب المظلم للشخصيات الدينية المسيحية التي تمارس طقوس التعذيب الذاتي والتعصب الديني المنحرف الذي قد يؤدي إلى قتل الاخرين علينا أن نيمم وجهتنا نحو أكثر رواية أدبية أثارت حنق وغضب المجتمعات المسيحية وخصوصا الدول الكاثوليكية إلا وهي رواية (شفرة دافنتشي) لروائي الامريكي الواسع الانتشار والثراء دان براون.

ما يهمنا في هذا السياق في رواية شفرة دافنتشي هي شخصية الكاهن الشاحب اللون والقاسي القلب (سيلاس) والذي هو عضو في المنظمة الكاثوليكية المتطرفة والعنيفة أوبوس داي. ولنستمع الان لتوصيف دان براون لهذه الشخصية  المشوهة الجسد والروح وهي تقوم بطقوس (التطهير بالألم) والتي تشابه إلى حدا ما طقوس (التطبير الشيعية(:
(( أسدل سيلاس الستائر وخلع ملابسه وانحنى راكعا وسط غرفته نظر إلى الاسفل وتفحص حزام الشعر ذا المسامير الشائك وهو عبارة عن حزام جلدي تتعلق فيه أشواك معدنية حادة تنغرس في اللحم وهي تذكير دائم ومستمر بمعاناة المسيح، إن الالم الذي تسببه هذه الاداة يساعد على كبح غرائز الجسد.
الالم جيد، همس سيلاس مرددا العبارة المقدسة للاب خوسية ماريا إسكريفا، حول سيلاس انتباهه الآن نحو الحبل ذي العقد الذي لفّ بعناية على الارض بجانبه السوط، كانت العقد معجونة بالدم الناشف.

بتلهف للأثار التطهيرية لآلمه تلا سيلاس صلاة سريعة ثم قبض على أحد طرفي السوط وأغمض عينية ملوحا به فوق كتفه وانهال به ضربا واحس بالعقد تلسع ظهره، ثم لوج به فوق كتفه من جديد وأخذ يضرب ويجلد لحمه مرة بعد مره. العقاب الجدسي الذاتي ... وأخيرا، أحس بدمه يتدفق  ((.

وإذا كانت تلك إطلالة مفزعة على شعور بشري منحرف يمارسه بعض المتعصبين دينيا من الطائفة المسيحية الكاثوليكية فيمكن أن نجد في الأعمال الادبية إطلالة أخرى على ما يحصل لدى بعض أفراد الطائفة الشيعية أثناء طقوس التطبير البشعة. وهذا ما نجده في ثنايا رواية (سمرقند) للأديب اللبناني المشهور امين معلوف حيث يصف في جزئها الثاني رحلة صحفي أمريكي يدعى بينجامين ليسيج يرحل إلى إيران ويصل إلى مدينة تبريز حيث يوافق وصوله لها طقوس يوم عاشوراء والتي تقال على مسرح مكشوف يقوم فيه الراوي الشيعي (روزخوان) وهو القاص الباكي الذي يستدر دموع المؤمنين وصراخهم ودمائهم وهذا توصيف حفلة التطبير الدموية:

 (( ويخرج من الظل رجل اختار الالم طوعا. إنه حافي القدمين عاري الجذع تلتف حول يديه سلسلتان غليظتان وها هو ذا يطلقهما في الهواء ويتركهما تسقطان وراء كتفيه فوق ظهره، والحديد مصقول والجلد يصاب بالرضوض ويندعك بيد أنه يصمد. ويحتاج إلى ثلاثين بل خمسين ضربة ليظهر أول أثر للدم طرطشة سوداء تنسكب دفقات خلابة وإنه لمسرح الآلام وإنها للعبة الآلام القائمة منذ الأزل)).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق