الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

( العلماء العرب والمسلمون والطريق المزدحم إلى ستوكهولم )

من سوف يكون العالم العربي القادم الحاصل على جائزة نوبل
 
 
د/ احمد بن حامد الغامدي
بالرغم من التقدم والتطور العلمي والبحثي النسبي في العديد من الدول العربية وبعض الدول الاسلامية إلا أن مستوى الابحاث لدينا ما زال في درجة متأخرة مقارنه بنظيرة في الدول المتقدمة الاوروبية بل وحتى الاسيوية. ليس هذا وحسب فوفق تقديرات الجمعية الملكية البريطانية يوجد بالعالم أكثر من سبعة ملايين باحث وعالم  ينتجون أكثر من مليون ونصف مليون بحث سنويا تنشر في حوالي 25 ألف مجلة علمية محكمة. وكأن تكاثر العلماء والباحثين وتزاحمهم على الجوائز العلمية المرموقة هو ما قصده المتنبي في تعجبه الشهير عندما قال:
أبنت الدهر عندي كل بنتٍ       فكيف وصلت أنت من الزحامِ
من هذا وذلك من المحزن الاعتراف بأن الطريق إلى مدينة ستوكهولم ما زال بعيدا وحلم العلماء العرب باستلام جائزة نوبل في المجالات العلمية من ملك السويد لم تتخطى مرحلة أحلام اليقظة إلا أذا كان ذلك العالم من فئة (العرب المستغربة). كلنا نعلم أنه في علم الأنساب للقبائل العربية نجد التقسيمات الشهيرة للعرب إلى عرب بائدة (قبائل عاد و ثمود) و عرب عاربة (القبائل القحطانية) و عرب مستعربة (القبائل العدنانية) و لكن بحكم أن حياة الشعوب في تطور مستمر و تجدد، لهذا لا غرابة و لا مشاحّة أن نطلق على فئام من عشائر العرب المحدثين بأنهم (عرب مستغربة) أي بمعنى أنهم عرب يعيشون في الغرب.
تجدر الإشارة إلى أن أعداد بني يعرب المستوطنين للديار الغربية كبير جداً، لدرجة أن بعض الإحصائيات تتوقع أن عدد العرب في أمريكا وحدها يبلغ حوالي مليون و نصف مليون عربي، بينما نجد أن عدد العرب التقديري في أوروبا قد يصل إلى سبعة مليون فرد عربي. وبالرغم من كل الجحافل العربية الضخمة هذه التي تعيش في الغرب فضلا عن عشرات الملايين الأخرى من المسلمين من غير العرب إلا عدد العلماء العرب والمسلمين الذين حصلوا على جائزة نوبل (حتى وإن كانوا يعيشون في الغرب) ما زال عدد ضئيل جدا ومخيب للآمال.
ما يستحق التنويه هنا أن عدد العلماء العرب والمسلمين الذين يعملون في أرقى الجامعات و مراكز البحث و المستشفيات الغربية هو عدد كبير يتخطى عشرات الالف لدرجة أنه تشكلت ومنذ عقود العديد من الهيئات و المنظمات التي تحاول تجميع جهود هؤلاء العلماء العرب و العمل على توثيق أواصر التعارف والتعاون بينهم فنجد مثلاً من هذه المنظمات شبكة العلماء العرب المغتربين و اتحاد الأطباء العرب في أوروبا و كذلك جمعية الأطباء العرب في أمريكا وغيرها كثير.
سبب فتح ملف العلماء العرب والمسلمين وطموحهم (وأحلام الشعوب العربية قبلهم) للحصول على جائزة نوبل نتج كحصيلة طبيعية بعد أن فاز قبل شهور قليلة عالم الكيمياء عزيز سنجار ذو الاصول التركية على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2015 وهو ما جدد الآمال والاحلام بوصول علماء آخرين من أصول عربية أو اسلامية لهذه الجائزة العلمية المرموقة التي كان عزيز سنجار هو ثالث ثلاثة من أهل الاسلام يحققون هذا الانجاز فكما هو معلوم كان أول عالم مسلم يحصل على جائزة نوبل هو عالم الفيزياء الباكستاني الكبير محمد عبدالسلام الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979 واما أشهر شخصية علمية عربية فهو بلا منازع الدكتور أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 1999 للميلاد. يمكن ملاحظة أن الفترة الزمنية بين كل فائز وآخر من هؤلاء الفرسان الثلاثة للعلوم حوالي عشرين سنه فقطعا سوف يكون محبط أن لن نسعد بفائز جديد إلا بعد انقضاء ردحا من الزمن.
بقي أن نقول أخيرا أنه يوجد علماء آخرون حصلوا على  جائزة نوبل لكنهم وإن وصلوا من بين الزحام واهتدوا للطريق السليم إلى ستوكهولم إلا أنهم ضلوا سبيل العروبة والاسلام. للأسف بعض حملة جائزة نوبل Nobel Laureates هؤلاء فقدوا توصيفهم بالعلماء العرب أو المسلمين لأن بعضهم أصبح وبحق يستحق لقب (العرب البائدة في القرن العشرين) وهم العلماء ذو الاصول العربية (وإن كانوا في الغالب من نصارى العرب) الذين هاجروا للغرب في بدايات القرن العشرين ثم ذابوا تماما في المجتمعات الغربية وفقدوا صلتهم تماما بالعالم العربي. من ذلك مثلا الطبيب البريطاني بيتر ميداور Peter Medawar ذو الاصول اللبنانية والحاصل على جائزة نوبل في الطب و الفسيولوجيا عام 1960 وكذلك عالم الكيمياء الأمريكي إلياس كوري Elias Corey (لك أن تنطق اسمه إلياس الخوري) الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1990 فهو الآخر من ابوين مهاجرين من لبنان. أما العلم الأمريكي و الألباني الأصل فريد جابر مراد Ferid Murad الحاصل على جائزة نوبل في الطب 1998 فبالرغم من أنه ما زال مرتبط بشكل جيد ببلده الاسلامي ألبانيا إلا أنه للأسف تم تنشئته منذ الصغر على الديانة النصرانية على يد والدته المسيحية.
ما تم تسطيره بالأعلى هو الافتتاحية للعدد الجديد من مجلة الكيمياء (من اصدارات الجمعية الكيميائية السعودية) والتي أتشرف برئاسة تحريرها والتي خصصنا فيها تقرير مستقل عن عالم الكيمياء التركي عزيز سنجار. ولمن أثار المقال له بعض الفضول للتعرف على تفاصيل أوسع عن أبرز العلماء العرب في العصر الحديث أتشرف باطلاعكم على مقال لي سبق وأن نشرته قبل عدة سنوات وحمل عنوان (علماء بارزون من أصول عربية) تجدون فيها تفاصيل إضافية عن العلماء المذكرون بالأعلى بالإضافة إلى حوالي عشرين عالم عربي آخر مشهورين جدا في العالم الغربي لعل من أهمهم المخترع الامريكي ستيف جوبز (صاحب شركة آبل وجوالات الآيفون)  وجراح القلب العالمي مايكل ديبيكي وعالم الرياضيات مايكل عطية خليفة نيوتن في منصبه الاكاديمي. وإن كنا نشكو حاليا من ظاهرة العقول المهاجرة ونزيف العقول فيجدر بنا أن نعرف أنها ظاهرة قديمة في تاريخ العرب حيث عاش علماء بارزون في أكناف مجتمعات غير عربية كما حصل مع مؤسس علم الجغرافيا الشريف الادريسي (عاش فعليا وأنتج إنجازاته الكبرى في الغرب في جزيرة صقلية) وعالم الفلك والرياضيات نصير الدين الطوسي (أليس غريبا أنه يلقب بالخواجة) والحسن الوزان (العالم الأسير في كنف البابا المسيحي). كل هذا وتفاصيل إضافية تجدونها على الرابط التالي :
أو الرابط التالي:
وإلى لقاء قريب (لعله لا يطول) عندما نحدث معلوماتنا بفوز عالم عربي جديد بجائزة نوبل والآمال بعد الله حاليا معلقة بعالم الكيمياء الاردني الاصل عمر ياغي (الحاصل على جائزة الملك فيصل في العلوم) الذي له حاليا مكانه علمية مميزة على المستوى الدولي (تم تصنيفه في عام 2011 من قبل وكالة طمسون رويترز كثاني أفضل عالم كيمياء في العالم ).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق